المستديرة.. وعشاقها
حُسن الخلق سجيةٌ طيبة، وطلاقةُ الوجه، واللين، ومقابلة السّيئة بالحسنة، وهي كذلك جوهرٌ إنساني، تنعكس صورته الخارجية على هيئة أخلاق حسنة أو سيئة، وتهيئةٌ لأنفس بشرية تفرز الأفعال والأقوال تلقائيًّا. والجماهير هي عنفوان الرياضة، ومصدر أفراحها وأتراحها، وملح المنافسات الرياضية.
الجماهير “حكاية”، وأي حكاية. تأثيرها عجيب، وتزكي البهجة، والتفاعل الجمعي، وتدفع اللاعبين لتقديم أداء أفضل، وأكثر متعةً، وإبداعًا، وتفاعلًا مع الفرق الرياضية الأخرى، وتنشد الإبداع، وإحراز الأهداف، واللعب بنمط جمالي جذَّاب، ينشر السعادة، وتواجه قوة الأداء بالتفاعل والتحفيز والتشجيع مثل بوتقة غليان للسعادة والصخب، والتنافس. تحتدم نقاشاتها، وتتمسَّك بالروح الرياضية، والعقلانية، ونبذ الحدة، والتعصب، والتنافر بالألقاب. تعشق الجماهير فرقها المفضَّلة عبر التشجيع الراقي، والقيم الإنسانية النبيلة، وتستمتع باللعب الإبداعي الجماعي، وتُسعد بنتائج فريقها، وتدرك حلاوة الرياضة، وشذاها، وظروفها، ومخرجاتها، مقابل قلة “عابثة” غاضبة، وهزائم متتالية، وعبارات “نابية”!!
هناك تفاعلٌ أخلاقي وقيمي إيجابي ضد انتهاكات القانون والمنشآت الرياضية، وتفاعلٌ يحثُّ روابط المشجعين على نبذ الظواهر السلبية، ونشر قيم الوطنية واللعب النظيف، ما يسهم في ترسيخ التقاليد الرياضية الصحية، والسلم المجتمعي، والمنافسة الشريفة، وتجاوز الممارسات المسيئة، ومكافأة الجماهير المنضبطة. الحضور الجماهيري أساس متعة كرة القدم، كون بعض المشاهد الرياضية تؤدي إلى غياب الجماهير من حيث جمالية المباريات والتفاعل معها، وبالنسبة إلى اللاعبين فإن الحضور الجماهيري سلاح ذو حدين، وهناك “شبه توافق” على وصفهم “بملح” المباريات، بينما يقدم اللاعبون أفضل ما لديهم عندما يتراجع الحضور الجماهيري، فيضعف الضغط النفسي، ونشاهد فرق كرة تخوض مباريات جميلة، بلا خشونة، وبروح رياضية جميلة، وجودة أداء وجدية تنافس. وللجمهور دور كبير في دعم اللاعبين وتحفيزهم وتشجيعهم كتأثير مباشر على عطائهم، فهم الذين يتأثرون بالحضور الجماهيري، ويصلون أحيانًا إلى مرحلة فقدان الثقة بالنفس، وعدم التركيز على المباريات التي تحظى بحضور كبير، وهتافات سلبية بالمدرجات، وفي بعض الأحيان يتأثر اللاعبون باللعب خارج أرضهم، ويواجهون جمهورًا تفاعليًّا شرسًا، لا يكل ولا يمل طوال المباراة، كما تلعب الأرض دورًا مهمًّا لمصلحة أصحابها.
“الحكام” أبرز “المستفيدين” من غياب الجمهور، حيث تتلاشى صيحات الاستهجان، فاللاعبون يخشون جماهيرهم وجماهير الخصوم، كما أن المدربين الذين لم يحققوا نتائج مُرضية يعانون الأمرّين، وتتعرض بعض الفرق للعقوبات جراء سلوكيات جماهيرية سلبية.