من يطلق
رصاصة الرحمة
على بطولة الخليج؟
كل فكرة من صنع الإنسان تشبهه، لها تاريخ ميلاد وعمر افتراضي وشهادة وفاة مهما كانت عظيمة، فأفكار/ نظريات “نيوتن” عاشت لقرنين إلى أن جاء “آينشتاين” وأعلن وفاة بعضها، وعدل وطور البعض.
وهكذا هي فكرة “إقامة بطولة كأس الخليج” التي ولدت عام “1970م” في دولة البحرين. في ذاك الوقت كانت فكرة عظيمة، فمنتخبات الخليج لم تكن لديها مشاركات قارية ودولية، إذ كانت جل المنتخبات تخرج من الأدوار التمهيدية، وكان من لديه دوري لا يتجاوز عدد فرق الدوري “8”، أي خلال 14 أسبوعًا “أقل من 4 أشهر” ينتهي الموسم.
لهذا كان لاعبو كرة القدم بدول الخليج يحتاجون مزيدًا من المباريات ليتطور مستواهم. كذلك هذه الفكرة ساعدت ولو بشكل هامشي على ولادة فكرة أخرى “مجلس التعاون لدول الخليج 1981م”، أقول هامشي لأن هناك أسباب أهم لعبت دورًا في تأسيس المجلس “كاندلاع الحرب بين العراق وإيران”. بعيدًا عن السياسة “لأن رئيس التحرير ونائبه لديهما حساسية من البيض والسياسة”.أعود لفكرة بطولة “كأس الخليج” التي تشبه إلى حد ما الخيل النبيل الذي كان له الفضل في نقل كرة القدم بالخليج من مرحلة فنية ضعيفة لمرحلة أقوى، ومع هذا وككل الأفكار العظيمة وكل الخيول النبيلة في الحروب لا بد من رصاصة رحمة لكتابة نهايتها، أو نفعل ما فعله “آينشتاين” مع بعض أفكار “نيوتن”، إذ قام بعملية تعديل ليطيل عمرها. فهل يفكر المعنيون برصاصة الرحمة بعد أن أصبحت البطولة عبئًا على دوريات دول الخليج؟
فبعض دول الخليج “المملكة” أصبحت لا تشارك بمنتخبها الأول، حتى لا تعطل دوريها، وربما سيلحقها البقية.
أو هل تعدل الفكرة، لتصبح البطولة أولمبيادًا للناشئين تقام في الصيف بعد انتهاء الدراسة، في ملاعب مكيفة أو مناطق باردة، وبهذه الطريقة تصبح بطولة لتطوير كل الألعاب بدول الخليج، كذلك مفيدة اقتصاديًّا للدولة المنظمة، إذ ستزور أسر الأطفال المشاركين الدولة المقام فيها البطولة، لترافق وتساند وتتابع أطفالها.
فكروا بهذا، أو بفكرة رصاصة الرحمة “الموت الرحيم”، فبعض الأفكار إن لم نطورها، أو نتخلى عنها تصبح عبئًا.
هذا ما قاله بوذا لتلاميذه بعد أن شرح فكرته لهم وسألهم هل فهمتم الفكرة؟
حين قالوا نعم، قال (بتصرف):
“كان أحد الرجال مسافرًا، ووصل لنهر، فصنع طوافة من خشب ليعبر النهر، ثم قرَّر أن يحمل الفكرة/ الطوافة التي أنقذته من الغرق على رأسه في اليابسة، فأصبحت تعوقه.
وعلى غرار هذا تعاملوا مع أفكاري، وكأنها طوافة صنعت للاجتياز لا لحملها ولا للتمسك بها، حتى لا تعوق مسيرتكم”.