قصة
«الأرعن»
يروى أن رجلًا قرر أن يستثمر في حارته، فاشترى “محلًا” وحوَّله لـ “سوبرماركت”، وكان يعتقد أنه يستطيع تحقيق أرباح سريعة إن رفع الأسعار، دون أن يفكر بعقلانية ويحسب الأمور بدقة، أو ينتبه أن هناك “سوبر ماركت” آخر في الحي يبيع السلع نفسها بسعر أقل.
وبدل أن يعيد النظر في أسعاره، صب جام غضبه على كل زبون يعترض على الأسعار ولا يشتري، وكان يقول للزبون: “تبغاني أبيعك ببلاش أنت ووجهك”، وكان البعض يرد عليه: “لا، ولكن لا تستغلني، وبع بنفس سعر السوق”، فيما البعض الآخر لا يعلق وكف عن الذهاب لبقالته.
ذات مرة جاء لمحله رجل عجوز أراد أن يشتري بعض السلع، فوجد الأسعار مبالغًا بها، قال له: لماذا أسعارك عالية ومختلفة عن السوق؟
رد عليه بنزق: “تبغاني أبيعك ببلاش أنت ووجهك”.
اندهش الرجل العجوز من رده، قال له: يا بني إن أردت أن تسوق لبضاعتك، فعامل الناس بلطف ولباقة، وحاول أن تقنعهم بأسباب رفعك للأسعار، بدل أن تهاجمهم إن أردت أن يشتروا منك.
أضاف قبل أن يمضي: “لا تكن أرعنًا”.
لم يفهم كلمة “أرعن” لهذا لم يرد، بعد أن أغلق المحل عاد لبيته، ولأنه مقتدر كان يدعو بعض أهل الحارة على العشاء في “ملحقه” كل يوم تقريبًا، وكان “أخوياه” يجاملونه لأنه يشبع بطونهم.
في ذاك المساء روى لهم ما دار بينه وبين الرجل العجوز، وكيف قال له “لا تكن أرعنًا”، وسألهم: “وش يعني أرعن”.
فانبرى “عبد الله الأكول” ليشرح له المعنى وأنها شتيمة، ثم أكد له أن ذاك العجوز “قليل أدب”.
لم يعترض أحد من “الأخويا” على ما قاله “عبد الله الأكول”، ربما جهلًا، ربما مجاملة حتى لا يغضب “الأرعن” فلا يعزمه.
بعد أيام التقى “الأرعن” بالرجل العجوز، ودون مقدمات قال له: “ليش تشتمني”؟
ـ لم أشتمك يا بني.
ـ “ما قلت لي أرعن”.
رد العجوز: هذا صحيح، ولكن هذه ليست شتيمة، هذا وصف لسلوكك.
قال الأرعن: “ترضى أقول لك يا أرعن”.
رد العجوز: إن فعلت ما فعلته أنت، وقلت لمن أحاول أن أقنعه بأن يشتري مني: “تبغاني أبيعك ببلاش أنت ووجهك”.
أنا أستحق أن يقال عني “أرعن”، إن رضيت أو لم أرضَ.