تلك الأردن التي هزمناها
انشغلنا بجلسات التحقيق مع ثلاثي المنتخب السعودي السابق سلمان الفرج سلطان الغنام ونواف العقيدي عن كل الأحداث الرياضية، حتى على خروج المنتخب السعودي الموجع والمتوقع من كأس آسيا 2023، وكأن الأمر كان مقصودًا من البداية، فبدلًا من أن نناقش أسباب الخسارة، والخروج من الدور الثمن نهائي للمرة الثانية على التوالي، كان النقاش حول هل تتم معاقبتهم أم لا.
للأسف، بدلًا من أن يكون النقاش حول أسباب الإخفاق، ومحاولة إيجاد حلول لوضع المنتخب، تحولت البوصلة لأمر ثانوي، وفي الوقت الذي يتناقش الجمهور حول عقاب الثلاثي، يحتفل الأردنيون ببلوغ نهائي كأس آسيا، ذات المنتخب الذي هزمناه بهدفين قبل ثلاثة أشهر في مباراة رسمية، ما حدث أن خلال الأشهر الثلاثة عاد لاعبو المنتخب الأردني للعب مع أنديتهم، وعاد لاعبونا لمقاعد البدلاء.
كنا نتمنى فوز المنتخب الأردني، ونخشاه، نتمناه ليفرح منتخب عربي شقيق بالتأهل المستحق، ونخشاه لأنه كان سيعرينا أكثر، وسينكشف أن المنتخب الكوري الجنوبي ليس بالقوة التي تخيلناها، وأن خسارتنا منه ليست بسبب قوته الطاغية، ولكن لضعفنا.
في الموسم القادم سيكون الوضع أسوأ، فالثمانية سيصبحون عشرة، دورينا سيكون قويًا ومثيرًا ولكن منتخبنا سيكون أضعف، لن يجد مانشيني لاعبين يعتمد عليهم، سيكون أمر الإحلال أكثر صعوبة، ففرص اللاعب السعودي تتضاءل موسمًا بعد موسم، وعجز عن الاستفادة من اللاعبين الكبار الذي يتدرب معهم يوميًا، شاهد كيف سدد عبد الرحمن غريب ركلة الجزاء المهمة، لتعرف أنه خلال عام ونصف لم يتعلم من كريستيانو رونالدو كيف يسدد ركلة جزاء، وهو حال صالح الشهري في الهجوم الذي لم يستفد من سنوات طويلة مع جوميز، وإيجالو وأخيرًا ميتروفيتش، وقس على ذلك بقية اللاعبين.
هناك خلل، ونحتاج لمعرفته، وعلاجه، لا أن نبحث عن كبش فداء لنشغل به الجمهور، ونجعلهم يتحدثون في كل شيء ولا خسارة المنتخب، بعد تأهل الأردن، بات من الواضح أن العلة فينا أكبر.
حسنًا، لنكون أكثر صراحة مع أنفسنا، ومع القانون لا الأماني، هل الأمر يستحق فعلًا كل هذا الجدل، ببساطة الجواب: لا، فحتى لو ثبت صحة ما قاله المدرب، وأنه استبعد اللاعبين لرغبتهم في اللعب أساسيين، فلا مخول نظاميًا للجنة الاحتراف بمعاقبتهم، هكذا هي نص لوائحهم، نظريًا، لا يمكن القبول بالتهاون في خدمة المنتخب السعودي، ولكن قانونيًا الأمر مختلف، نحن في زمن اللوائح والأنظمة، لا العقوبات التي تصدر حسب رغبة المسؤول، مهما كان النقاش الذي دار بين اللاعبين والمدرب، فهو من قرر طواعية عدم استدعائهم، أو إبعادهم، لم يرفضوا الانضمام للمنتخب، لم يخرجوا منه دون إذن، تحدث أما الثلاثي بوجهة نظرهم، وهذا بحسب اتهام المدرب لهم، بعد أن سألهم، ثم قرر بنفسه ودون ضغوط من أحد، عدم استدعاء الفرج والغنام، وإبعاد العقيدي، وبالتالي تسقط أي حجة يمكن أن يعاقبوا بسببها، هذا ليس حديثي بل لائحة الاحتراف التي يتم التحقيق معهم بناءً عليها، ويمكن العودة لها ببساطة. المقارنة بين قضية الثلاثي وقضية مهند الشنقيطي أمر أقل ما يوصف به أنه خلط لا معنى له، فالأخير لم ينظم للمنتخب وقدم تقريرًا غير صحيح مدعيًا الإصابة، وهو ما ثبت عدم صحته، فوقع تحت بند المعاقبة بنص اللوائح.