الانتماء والولاء و«محاكم التفتيش»
يخلط الكثير بين الانتماء والولاء، فيحاكم الفرد على انتمائه لا على ولائه.
وهذا ما يحدث كثيرًا، فالنصراويون يرون أن أي هلالي يصل إلى منصب رياضي سيكون ولاؤه للهلال، والعكس صحيح أيضًا، وقس على ذلك الاتحادي والأهلاوي،، إلخ.
وإن لم يحاكم على انتمائه العاطفي/التشجيع، سيحاكم على انتمائه المهني، كما حدث «لمدير المسابقات» اللبناني «كارلو نهرا»، لأنه عمل مديرًا تنفيذيًّا لشركة نادي العين سابقًا، فربطت الجماهير الهلالية بين عمله السابق وبين لقاء الهلال والعين في نصف نهائي آسيا، ورفضه لطلب التأجيل، فحكمت عليه أنه يعمل ضدهم.
وداخل «محاكم التفتيش» حوكم الكثير على انتمائهم العاطفي/المهني، وعلقت المشانق لهم، واضطرت المؤسسات الرياضية «اتحادات وأندية» لإلغاء عقودهم لترضي «الجماهير» الذين لا يفرقون بين الانتماء والولاء، فيحاكمون الإنسان على انتمائه لا على ولائه.
فما الفرق بين الانتماء والولاء؟
الإنسانُ بطبعه كائنٌ متعدد الانتماءات، فهو ينتمي لأسرته الصغيرة «الأم الأب وإخوته»، منتمٍ لأسرته الكبيرة، مدينته ووطنه، هو كذلك منتمٍ لمعتقده.
حتى على مستوى المهنة هو متعدد الانتماءات، فكل مرة ينتقل لمؤسسة بحثًا عن دخل أفضل، يصبح انتماؤه لمؤسسته الجديدة.
هذا على مستوى الانتماء، ولكن ماذا عن الولاء؟
ظل مفهوم الولاء محيرًا ومربكًا للفلاسفة، واعتبره الفيلسوف الأمريكي «جوزيه رويس» «محور الفضيلة»، ويمكن القول إنه المحرك الأخلاقي لنا، ومن خلاله سنشعر بالسعادة/الحزن/الندم تجاه سلوك ما قمنا به.
وهذا تحديدًا ـ أعني الولاء ـ هو من علينا محاكمة الإنسان عليه، لا أن نحاكمه على انتمائه.
فإن كان ولاء الإنسان «للحق الخير العدل»، هذا الإنسان أينما عمل وإلى أي مؤسسة ذهب ما ستحركه دائمًا هذه المبادئ.
أما من كان ولاؤه لفرد أو الكيان/النادي، أينما عمل سيحقق مصالح هذا الفرد أو الكيان/النادي، لأن ما يحقق له السعادة إرضاء مَن ولاؤه له، وإن كان على حساب «الحق الخير العدل».
فهل تكف الجماهير عن محاكمة الإنسان على انتمائه، وتراقب عمله لتحاكمه على ولائه؟، حتى لا تظلم الأبرياء.