الهلال والعين وابن شداد
نقترب يومًا بعد يومٍ من لقاء نصف النهائي بين الهلال والعين. مباراةٌ تاريخيةٌ بين بطلين لآسيا، لا يمكن لأي منها أن ينظر لها بأنها سهلةٌ، أو في المتناول. الجميلُ، هو حالة الاحترام المتبادل بين البطلين.
الاحترام مطلوبٌ في أي مباراةٍ حتى لو لم يكن منافسك الهلال، أو العين، فالعرب تاريخيًّا عُرف عنهم احترام المنافس في كل المجالات، بل إن هناك مَن نظَّم قصائدَ مدحٍ في الخصم، وأعطاه حقه وأكثر، والسبب يعود إلى أن الفوز على منافسٍ قوي وشرسٍ، يعني أنك لم تنتصر بسهولةٍ، بل قدَّمت كل ما تستطيع للظفر بما تريد، وهذا بالتأكيد يعطي قيمةً أكبر للفوز.
البطل الأسطوري «عنترة بن شداد»، كان يمدح قوة خصمه وشجاعته، وعندما ينتصر عليه، تنتقل كل صفات الخصم لعنترة، لأنه لا يتغلَّب على الشجاع القوي إلا أشجع وأقوى منه.
قد يكون السببُ الواضح لمدح عنترة خصمَه انتقالُ المدح لنفسه بعد الانتصار، لكنْ هناك سببٌ أهمُّ من ذلك، وهو أخلاق الفرسان، ففي ساحات المنافسة مبادئُ وأخلاقٌ، يتَّصف بها الفارس الحقيقي، وتدلُّ على نبله، ورقيه، والتزامه بالقيم العربية الأصيلة المتوارثة على مر السنين.
والعكس بالعكس، فالتقليلُ من خصمٍ، ثم الخسارة أمامه، يعني أن الخسارة جاءت من منافسٍ ضعيفٍ، وهذا يدلُّ على الوهن، فلا يخسر من ضعيفٍ متهالكٍ إلا شخصٌ أضعف منه.
بقي على المباراة أقل من أسبوعين، ومع اقتراب المعركة الطاحنة، يرتفع الأدرينالين في الجسم، ويرتفع معه هرمون «الهياط» والتقليل من الآخر، وتبدأ مقولة «هاتوا الهلالي»، أو «العين ما تعلى على الحاجب»، تتراقص أمام أعين المشجعين.
«هاتوا الهلالي» لن تجعل المباراة أسهل على العين، ولا «العين ما تعلى على الحاجب»، ستجعل العين يخسر «رايح جاي»، لذلك احترموا الخصم، واستمتعوا بمباراةٍ تاريخيةٍ، تحمل في طياتها خمسةَ ألقابٍ آسيويةً، ووصافةً للعالم من الفريقين العريقين.
علِّموا أولادكم احترام الخصم، علِّموهم احترام الكبير، وإعطاء الفائز حقه وقدره، وتوقفوا عن غرس «التقليل من الآخر» فيهم، فهذا ليس من قيمنا، ولا من أخلاق الفرسان.