المهزوم دائما مظلوم
انتهت مباراة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بفوز الريال بهدفين في آخر دقيقتين، مشهد يتكرر منذ عقود، يعرفه خصوم الريال قبل محبيه، شخصية طاغية تجعل المعجزات أمرًا طبيعيًا.
منذ انتهت المباراة والحديث لا يتوقف على الظلم الذي تعرض له بايرن ميونيخ وبدأت «الكليشة» المعتادة، «ظلم تحكيمي.. فار.. غبار.. منشطات.. كل شيء مخطط له «عشان» الريال يفوز بالأبطال».
ما يحدث بعد كل فشل من غضب مشوب بالتقليل من انتصار الخصم هو أمر طبيعي وغير مستغرب، فالإنسان بمجرد أن يخسر يبحث عن سبب خارجي يرمي عليه كل إخفاقاته، فعلم النفس العظيم تحدث عن التبرير، حيث تعتبر مدرسة فرويد أن «التبرير» آلية دفاعية يقوم من خلالها الفرد بإسقاط مشاكله الداخلية على العالم الخارجي.
فما يحدث هو عدم تقبل للواقع من خلال البحث عن تفسير خارجي غير الذي تراه العين، فعندما يشخص مريض بأي مرض خطير فإن ردة الفعل الأولى أن الدكتور لا يفهم، أو أن هناك خطأ في التحاليل، أو أن هناك شخصًا قرر عمدًا تغيير النتائج.
أجد ردة فعل كل مهزوم طبيعية ولا يمكن إلا أن تخرج بهذا الشكل، لذلك أصوات الخاسرين أعلى من الفائزين وتجدهم ينظرون لظل في زاوية الصورة يعتقدون أنه سبب الهزيمة.
أعتب على الفائز أكثر من المهزوم «ماذا تريد منهم يا رجل؟».
اترك الخاسر يصرخ ويشكو الظلم للبشر والحجر، اتركه يفرغ غضبه واذهب أنت لتحتفل، غير الطبيعي ولا يفهمه علم النفس ولا المنطق هو إصرار الفائز على دحض حجة المهزوم، فيتحول النقاش من إبداع الريال إلى محاولة إقناع المهزوم بأن الفوز كان عادلًا. والخاسر يردد بكل ثقة «لا تقنعني».
لا يحتاج الفائز لكثرة كلام، الفعل أقوى من كل الكلام، لذلك استمتعوا بالانتصار واتركوا الكلام لأهل الكلام، فلن تستطيعوا مجاراة أي خاسر في معركة الكلام، لأن الخاسر امتهن الكلام واخترع طرقًا جديدة ومبتكرة لإغضاب الفائز والتنكيد عليه وتخريب «جوه».
لكل الفائزين، لستم بحاجة لتبرير الانتصار، فالفوز يتحدث عن نفسه.