جيل الثمانينيات.. من سمع ليس كمن رأى
شريط الذكريات سهل أن نعيده في خيالنا، لكن عندما يتحول إلى شريط سينمائي يصعب ذلك، لذا تسجل الأفلام المختصة بالعودة إلى حقبة زمنية تكلفة إنتاجية عالية سواء في المباني أو السيارات أو الملابس أو حتى طريقة الكلام وكل التفاصيل البسيطة على المخرجين تجويّدها وإلا لطالتهم سياط المشاهدين فهم لا يرحمون العبث في شريط ذكرياتهم.
جيل الثمانينيات في السعودية يحمل شبابه ممن بلغوا سن الحكمة والحنكة والرشد في زمننا الراهن ذكريات مختلفة عن أي جيل سابق أو لاحق، عاصروا أحداثًا دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية صنعت شخصياتهم وجعلت منهم مختلفين عن بقية الأجيال ومتكيفيّن مع المستقبل ومرحبين به، فأضحّت تركيبتهم البشرية صالح لكل زمان ومكان.
وعندما حرّك المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، وأحد روّاد ذلك الجيل المشاعر بالمفارقة الكبيرة في الألعاب الإلكترونية في زمنهم مقارنًا إياها مع الرفاهية التي يعيشها الجيل الحالي مع اقتراب انطلاق بطولة كأس العالم للألعاب الإلكترونية الرياضية جعل شريط الذكريات يمرّ أمام نظرائه من أبناء جيل «أسواق الشعلة ومسبح سلطانة وعصير الطبقات وبرك المزارع وتعديل الأنتل» محملًا بعبق الماضي الجميل، لكن في الوقت ذاته الجيل الحالي كان يشاهد «الترند» عبر السوشال ميديا متمنيًا أن يكون عاش أيامه..
الساحة السينمائية السعودية أو حتى الدراما لم تقدم عملًا يحفظ مآثر وآثار وإرث تلك الحقبة وتتشكل كقصة تروى لأبناء كل الأجيال بطريقة حديثة وعصرية، فالسينما السعودية قدّمت فيلم «الهامور» ويحكي القصة الحقيقية لـ«هامور البطاقات» حدثت في بداية الألفية، وهو أحد أفضل الأفلام المحلية إلى الآن، ولا تملّ مشاهدته فلقد تمكّن صانعوه من أخذ المشاهد ووضعوه في ذلك الزمن «بسهولة وصعوبة» وكأنه ينتمي لها ويعيشها بكل تفاصيلها، فخرج لنا عمل يؤرخ حقبة مهمة، بعكس ما حدث في الفيلم السعودي «أمس بعد بكرة» وعلى الرغم من الاجتهادات للعودة إلى التسعينيات إلا أنه مخرجه لم يجتهد كثيرًا لإقناعنا فصف في قائمة «أفلام تكملة عدد»..
دخول الهيئة العامة للترفيه وموسم الرياض في مجال صناعة الأفلام يفتح الطريق أمام فكرة تبني عمل سينمائي عن الثمانينات، وأبرز المفارقات التي مرّ بها مواليد تلك الحقبة ما جعل البعض يصنفهم بالجيل المميز، ويكون عملًا على غرار «الهامور» و«العاصوف»، لكن رسالتي لمخرج أي فيلم عن الثمانينيات أن يدرك بأنه يتعامل مع الجيل كالسهم فعودته إلى الوراء لابد أن تكون مشدودة ويركز ليطلق «عمله» بقوة ويصيب الهدف.