السينما.. ترفيه و«بزنس»
في «الحركة بركة». مقولةٌ شعبيةٌ، ظلت صامدةً في كل الأزمان، ومفتاح الكسب لكافة الأجيال، وليس لها موعد صلاحيةٍ، صدَّرها الأوَّلون مختصرين المسافات، والمحاضرات لأعتى علماء الاقتصاد والمال.
ومنذ إعلان «رؤية 2030»، والكشف عن مستهدفاتها، تحرَّكت معها كل الاتجاهات، وتوحَّد الهدف لدى السعوديين والسعوديات بحثًا عن تحقيقه، واضعين صورة ملهمهم، وعرَّاب رؤيتهم الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء في مخيلتهم، لا تغادرهم أبدًا، مستمدين قواهم من عزيمته ودعمه اللامحدود لكل القطاعات لتحويل الأحلام إلى واقعٍ، والعيش في المستقبل قبل الحاضر.
السينما كانت من بين القطاعات التي لم تتحرك سنواتٍ طويلةً في بلادنا، وكان السعوديون يشدُّون الرحال لبلدانٍ مجاورةٍ، وأخرى بعيدةٍ لحضور فيلمٍ، فكانت تذكرة الفيلم أهمَّ من تذكرة الطيران حينها..
قطاع السينما يدخل في نطاق الترفيه، لكنه يشكِّل رقمًا مهمًّا في اقتصاد الدول، وإلا لتوقَّف صنَّاع الأفلام عن الإنتاج، ولأغلق ملَّاك الصالات الأبواب والشبابيك..
وفي السعودية، ومنذ صدور قرار فتح صالات السينما، ديسمبر 2017، وعودتها بعد غيابٍ دام أكثر من 40 عامًا، عندما كانت تقتصر في ذلك الوقت على صالاتٍ «بسيطةٍ» فقط في الأندية الرياضية، وهناك تصاعدٌ في الحضور يرافق ذلك، فأضحينا نسمع عبارة «سولد آوت» على كثيرٍ من الأفلام، ما دفع كبرى الشركات السينمائية العالمية إلى التهافت على السوق السعودي، نظرًا للقوة الشرائية لدى السعوديين والمقيمين الباحثين عن الترفيه من بوابة السينما، فبلغ عدد المقاعد أكثر من 62 ألف مقعدٍ، تضمُّه 66 صالةً سينمائيةً، وكلٌّ منها تحوي على العشرات من الشاشات..
هذا الحِراك دفع المنتجين السعوديين إلى ضخ أموالٍ بسخاء لإنتاج أفلامٍ محليةٍ ذات جودةٍ عاليةٍ، فهم يدركون أن الجمهور لا يرحم، وسيخرج من الفيلم السعودي في منتصفه لو كان على غرار الأفلام المحلية التي سبقت فتح الصالات السينمائية. ونجح صنَّاع الأفلام السعودية في منافسة الأفلام العالمية في الصالات المحلية من خلال فيلم «سطار، ومندوب الليل، وشباب البومب، والهامور» وغيرها، محطمةً أرقامًا قياسيةً، ومستمرةً فتراتٍ طويلةً في قائمة «توب تن»..
العجلة السينمائية عندما تحرَّكت في بلادنا، كانت «بركةً» بإيجاد ألوف الوظائف للسعوديين والسعوديات، وطوَّرت صناعة الأفلام المحلية، وضخَّت أموالًا داخل الوطن عبر شباك التذاكر، ناهيك عن الهدف الرئيس، وهو الترفيه، وجعل الحياة ذات جودةٍ عاليةٍ..
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، يلخِّص الجدوى الاقتصادية، والعائد الكبير من قطاع السينما، الذي يدخل في خزانة الدولة من الباب غير النفطي، بإعلانه وصول مبيعات شباك التذاكر في صالات السينما السعودية إلى 8.5 مليون تذكرةٍ بإيراداتٍ تجاوزت 421.8 مليون ريالٍ خلال النصف الأول من العام الجاري، مع تسجيل فيلمين سعوديين ضمن أعلى ثلاثة أفلامٍ مبيعًا..
إذًا السينما توكل عيش.. وفي الحركة بركة.