وماذا بعد افتتاح استديوهات الحصن؟
افتتاحٌ مبهرٌ، رافق تدشين استديوهات الحصن بيج تايم في طلعة قدية الرياض. كان اختيارًا موفَّقًا لموقعٍ، يمزج التاريخ بالحاضر، ويطلُّ على أفق نهاية العالم، ليكتب مستقبل عالمٍ جديدٍ في صناعة السينما والمسلسلات والبرامج التلفزيونية.
إمكاناتُ كبيرةٌ وفرتها الهيئة العامة للترفيه بقيادة معالي المستشار تركي آل الشيخ في الاستديوهات الجديدة، فلم يتخيَّل أحدٌ أن يطل القراصنة على متن سفينةٍ تبحر في مياهٍ عمقها ثلاثة أمتارٍ، أو جيب تويوتا ربع، يظهر داخل استديو ضخمٍ، أو طائرة مجهّزة للإقلاع، لكنها تحلِّق في أجواء العالم دون أن تتحرك.
«استديوهات الحصن بيج تايم» التي بنيت في فترةٍ قياسيةٍ قصيرةٍ، تقدَّر بـ 120 يومًا على مساحة 10.500 متر مربع بإجمالي مساحةٍ للمشروع 300 ألف مترٍ مربعٍ، يلخِّصها أسطورة التمثيل السعودي ناصر القصبي بقوله: «لي في المجال أكثر من 40 عامًا، وللمرة الأولى أشاهد استديوهاتٍ بهذه الإمكانات والحجم». ويعلِّق رفيق دربه عبد الله السدحان بعفويته: «وين هذي الاستديوهات أيام طاش؟».
وفي زيارة تدشين الاستديوهات، تشاهد نظرة الإعجاب في عيون الزائرين، ولم يتحمَّل النجم فيصل الدوخي الجولة، فأصرَّ على أن يسجل حضوره من خلال تصوير مشهدٍ تمثيلي.
تلك الاستديوهات ستسهم بالطبع في رفع جودة الأعمال الإنتاجية، وستحقق قفزةً نوعيةً في مجالات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، لكنْ تلك التجهيزات الكبيرة تبحث عن شركات إنتاجٍ ومبدعين في الصناعة لاستثمار تلك الفرصة، وتقديم أعمالٍ تليق بالمشاهد الذي أصبح ذكيًّا، ولم يعد يقبل بالإنتاج الهزيل.
العشرات من شركات الإنتاج في السعودية، كان العائق الأكبر أمامها في السابق التصويرُ في الأماكن العامة، فتصطدم بتصاريحَ من جهاتٍ حكوميةٍ، أو مضايقة بعض المارَّة، ما جعلها تختار التصوير في وقت الفجر، أو في مزرعةٍ خاصةٍ، كما فعل السدحان أيام طاش، أو بناء «هنجر» بشكلٍ بدائي ومتعب، تمَّ فيه تصوير مشاهدَ من فيلم سطار، كما يقول النجم إبراهيم خير الله.
تلك المعاناة جعلت كثيرًا من الأعمال السعودية تصوَّر في دولٍ قريبةٍ وبعيدةٍ بحثًا عن البيئة الإنتاجية الجيدة، لكن كل ذلك أصبح من الماضي في السنوات الأخيرة.
الاستثمار في الإنتاج في الوقت الراهن أصبح مربحًا خاصًّةً بعد توفير الاستديوهات المهيَّأة مثل الحصن بيج تايم كافة الإمكانات، إلى جانب مساهمة بعض الجهات الحكومية، منها الهيئة العامة للترفيه، ووزارة الثقافة، ونيوم، والعُلا بالدعم المادي عبر تحمل نسبةٍ من تكلفة الإنتاج. كل تلك المقوِّمات يجب أن يستثمرها رجال الأعمال البعيدون عن هذا القطاع، وتكون مغريةً لهم.
سعدت بفكرةٍ، قدَّمها أحد الأصدقاء حول قطاع الإنتاج بفتح صندوقٍ استثماري ذي رأسمالٍ عالٍ، ويكون مساهمةً مغلقةً، ويدخل في صناعة الإنتاج بشكلٍ عامٍّ.
الهيئة العامة للترفيه وضعت الكرة في ملعب شركات الإنتاج والمستثمرين بعد أن زرعته، وكيَّفته، وملأت مدرَّجاته بالجماهير، وعليهم فقط أن يقدموا مباراةً جيدةً وممتعةً.