2009-07-29 | 18:00 الكرة العربية

كل مواطن إنجليزي عليه أن يدفع لإنجاح الأولمبياد

القاهرة ـ أسامة صادق
مشاركة الخبر      

عندما وافقت اللجنة الأولمبية الدولية على إعطاء لندن حق تنظيم الأولمبياد المقبل رغم المنافسة الشديدة من العاصمة الفرنسية باريس، لم تكن يعلم أن هناك أزمة مالية عالمية ستحدث وتؤثر على تنظيم الأولمبياد، وتمثل ذلك في انسحاب عدد من الشركات التي تمول الألعاب من ضخ أموال في حسابات الدورة المقبلة، وهو ما يعني تأخير الإنشاءات الجارية وأهمها القرية الأولمبية التي يتم إنشاؤها حاليا بمنطقة ستراتفورد بأقصى شرق لندن، وتشتمل على الملعب الأولمبي وعدد من الملاعب المغطاة، إلا أن الحكومة البريطانية وتحت ضغط شديد من الإعلام الرياضي قررت التدخل بثقلها القوي ووضعت في ميزانية الدورة ما يزيد على نصف مليار جنيه استرليني (حوالي 650 مليون دولار) من أجل تزايد وتيرة الإنشاءات الجارية خاصة الملعب الاولمبي الرئيسي الذي سيطلق عليه اسم (ستراتفورد أولمبيك ستاديوم).. وكان عدم توفر السيولة المالية قد أدى لتأجيل العمل عدة مرات، وكاد الأمر يتشابه مع ما حدث خلال بناء ملعب ويمبلي الجديد الذي مازال اتحاد الكرة الانجليزي يدفع فواتير إنشائه إضافة إلى الفوائد للبنوك التي أقرضته.. لكن المال الذي قدمته الحكومة البريطانية وكان من أموال الياناصيب الوطني الأسبوعي أدى لتغيير جذري في مجريات الأمور فعادت وتيرة العمل بأسرع ما يمكن، والطريف هنا أن اللجنة المنظمة البريطانية رفضت إسناد أي عمل إلى أي من شركات كين بايتس للمقاولات الذي كان يملك نادي تشيلسي قبل أن يبيعه إلى المليادير الروسي ابراموفيتش المالك الحالي، والسبب هو أن بايتس له واقعة مشهورة في بناء ملعب ويمبلي، إذ إنه تقاضى من اتحاد الكرة الانجليزي 15 مليون جنيه مقابل تصميم وتنفيذ الجسم الخارجي للملعب، ثم اكتشف الاتحاد أن التصميم مسروق من مصمم مباني استرالي.. ويومها رفض بايتس إعادة المبلغ واحتكم إلى تعاقده مع الاتحاد والشروط الجزائية التي به، ومثلما كان العامل المالي سببا في أزمة ملعب ويمبلي وبسبب تراجع القيمة السوقية للجنيه الاسترليني أمام كل من الدولار واليورو فإن اللجنة الأولمبية البريطانية عملت على دراسة الأمر جيدا وقررت أن تكون عدة شركات انجليزية وويلزية واسكتلندية كبيرة ومتخصصة في الإنشاءات هي التي تقوم بأعمال بناء المجمع الأولمبي وبطريقة الوحدات سابقة التجهيز، أي إنه يتم بناؤها في مكان ما ثم جلبها إلى مكان الملعب لتركيبها فقط.. وهو ما يختصر الوقت والتكاليف، وحرصت اللجنة الأولمبية البريطانية على عدم إدخال الشركات غير البريطانية بأي شكل من الأشكال رغم أن بعضها وخاصة الأمريكية والاسترالية قدمت عروضا بأقل تكلفة لبناء القرية من العروض التي قدمتها الشركات المحلية، ويبدو أن هذا فعلا كان في صالح القرية الأولمبية التي انتظم بها العمل بدون مشاكل تقريبا، وحرصت اللجنة البريطانية على التأكيد على أن كل الميزانيات تكون بالجنيه الاسترليني، وحتى إذا تعاونت شركات غير محلية مع الشركات المكلفة بالعملية فإنه لا دخل للجنة الأولمبية البريطانية بالأمر، وعلى هذه الشركات تسوية أمورها، ويبدو أن هذا كان للقضاء مبكرا على أية مشاكل " سخيفة " قد تحدث خلال بناء القرية، وعندما كان البلجيكي جاك روج رئيس اللجنة الأولمبية يزور لندن اطمأن من سباستيان كو أو " لورد كو " على أن الأعمال ستنتهي خلال الفترة المحددة، وأنه لا مشاكل مطلقا كما التقى كولين موينيهام رئيس اللجنة الأولمبية البريطانية، ووعدت الحكومة بالتدخل في حالة حدوث أي عجز مالي وتغطية العجز من أموال (اليانصيب القومي)، ويعني ذلك أنها لن تتحمل شيئا من ميزانية الدولة بل من المال الذي يأتي أسبوعيا. وقال كو خلال مؤتمر عقد في لندن إنه (لا يتوقع أن يكون للأزمة المالية بالعالم مزيد من التأثيرالكبير على الأعمال الإنشائية الجارية في القرية الأولمبية)، موضحا أن (حوالي ربع العمل قد تم بها وإن الملعب الأولمبي سيتم إنشاؤه بطريقة ملعب مانشستر الأولمبي) أي بالوحدات الجاهزة، ولم يبد إنزعاجه بسبب الموضوع المالي، وقال: إن (الميزانية الموضوعة منذ فترة تتحمل كل الافتراضات بما في ذلك أي نقص مالي طاريء)، هناك اتجاه لإنجاح الألعاب بأي شكل من الأشكال حتى لو اقتضى الأمر فرض ضريبة خاصة بمبلغ خمسة جنيهات استرلينية في الشهر تضاف إلى ضريبة البلديات الإجبارية على كل منزل أو شقة في البلاد والمعروفة باسم (كاونسال تاكس)، وتابع: (مجلس العموم (البرلمان) كان سيناقش الاقتراح لو لم يتم تخصيص أموال كل فترة للمساعدة في الإنشاءات الجارية)، ومن أطرف المشاكل التي تواجه المنظمين مشكلة ملاعب كرة اليد والكرة الطائرة على اعتبار أن هاتين اللعبتين لاتمارسان في البلاد، ولكن كرة السلة تلعب بشكل خجول جدا رغم شعبيتها بسبب نقل مباريات الدوري الأمريكي لكرة السلة " ان بي ايه " أسبوعيا، وسيتم الاستعانة بخبراء من الدول المجاورة مثل فرنسا وألمانيا للمساعدة في تصميم ملعبي هاتين الرياضتين..
و كان جوردون براون رئيس الحكومة البريطانية تعهد بشكل شخصي بعمل كل ما يستطيع لإنجاح الألعاب رغم أنه ربما لن يكون موجودا في السلطة وقت إقامتها، لكن مادام يتحمل المسئولية الآن فعليه العمل على نجاح إقامة المنشآت الخاصة بها، بينما وضع بوريس جونسون عمدة لندن موضوع " الأولمبياد الانجليزي " على قمة أولوياته رغم أنه أساسا من حزب المحافظين المعارض، ولكن سيقول الناس يوما ما إن هذه الملاعب الأولمبية تم إنشاؤها في عهد العمدة جونسون، وربما يكون حزب المحافظين المعارض حاليا في الحكم كما هو متوقع عند إقامة هذه الألعاب، على اعتبار أن الانتخابات العامة ستجرى العام المقبل، وهناك مؤشرات كثيرة على أن المحافظين سيعودون إلى سدة الحكم مرة أخرى، لكن لا يجب أن ننسى أن فوز لندن بتنظيم الألعاب يعود إلى توني بلير رئيس الوزراء العمالي الأسبق، والذي تدخل بثقله الكبير لإسناد الألعاب للعاصمة البريطانية، بل أكثر من ذلك إنه توجه إلى سنغافورا خلال اجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية لاختيار البلد الذي سينظم الألعاب المقبلة، وحرص على الترويج بنفسه لبلاده وبكل السبل حتى استطاع تحويل الدفة من باريس التي كانت المرشحة الأوفر حظا إلى لندن، فاتهمه الفرنسيون بأنه أدخل العنصر المالي في محاولاته لاستمالة أعضاء اللجنة التنفيذية الأولمبية الدولية، بل قالوا أيضا إنه أعطى رواتب شهرية مازالت مستمرة حتى الآن من أجل فوز لندن بتنظيم الأولمبياد، وبالطبع التزم الانجليز بالصمت التام واضطر الفرنسيون للقبول بالأمر الواقع نظرا لأن بلير كان يملك من ملكة الإقناع ما يمكنه من تحقيق ما يريد.