صوت
مذيع ألف ألف إف إم وليد الخضير، يتبع طريقة في غاية اللطف وهو يحاور شباب وشابات على ضفاف "عصراويات" يقطع بها أوقات المستمعين الأحرار في أذواقهم، كما تقطع السكين قطعة من الجبن. لست "سعودياً" أميل لفريق من المبدعين دون غيره ولست "متسعوداً" طال به أمد الإقامة حتى اختلطت ذائقته بروائع وإبداعات أهل هذا البلد الطيب، كل ما هناك أن أذني التي لا أعرف لمن أشكوها.. كثيرا ما تخرج عن بيت "الطاعة" لكني أعترف والاعتراف فضيلة أنها أطربتني في المرة الأخيرة حد الشبع.
بالأمس يا سادة.. استمعت وللمرة الأولى منذ وصولي للعربية السعودية للخضير. فوجدت شاباً على قارعة "الحرفة" يقرع بصوته الأليف أبواب "المهنية" ويمنح مستمعيه المتعة على طبق من ذهب "عصراوياته" المحببة. يعرف كيف يبدأ حواره ويدرك كيف يسترسل ثم كيف يتوقف، وكيف تنفرج أساريره عن ضحكة تلقائية ترن في القلب كما دقة الحب الأول.. ويدرك كيف يرسل "قاذفات" قفشاته وحيله المحببة لانتزاع الاعترافات من "ضيوفه" في الطرف الآخر من هاتف البرنامج.
لا أعرف إن كان الخضير محبوباً وتعجب طريقته الآخرين مثل ما راقني أداؤه أم لا.. ولست أدري إن كان يقدم مزيداً من البرامج على قنوات إذاعية أو تلفزيونية أخرى، فما زلت حديث عهد بالهجرة ومهاجر لم يفك بعد شفرة صلاحيته وتأقلمه مع الأوضاع.. لكن ما أحمد الله عليه أن مذيع ألف ألف إف إم يبدو مؤهلاً بما يكفي لإدارة "كوكتيل" رياضي، يحفل بما لذ من "أطايب" الفقرات التي تزيدها طريقته في التدوير والتحوير والتمرير جمالاً على جمالها.
لقد قضيت عمري الرحيب متنقلاً بين موائد مذيعين ومذيعات ينطلقون في مسيرتهم الظافرة، لا يلوون على شيء، ينصبون الفاعل ويرفعون المفعول، يذكّرون المؤنث ويؤنثون المذكر، حتى لتظن أن بينهم وبين سيبويه عداوة، لكن والشهادة لله الخضير الذي استمعت إليه واحد من قلة نادرة تمتلك لغة سليمة وتأخذك طبقات الصوت لديه إلى براحات بعيدة.. يتنقل الفتى بين جودة الإلقاء وسحر الأداء ويحوز سرعة البديهة.. فوق هذا وذاك يمتلك ثقافة شاملة ولديه كاريزما .. خذوها من قصير لا يسمع له، استثمروه في الرياضة يرحمكم الله.