بنات الرياض وسقوط العالمي!
قد تكون الكلمة طيّبة، مهمّة ونافعة، لكنها وبالرغم من ذلك تتلقّى ردّة فعل مغايرة لأمانيها، ويكون السبب كله في التوقيت!؛ فقط لأنها قيلت في توقيت غير مناسب!.
ـ التوقيت مهم مثله مثل الأسلوب!. يا ما أفلتت أمور من بين أيدينا، لغياب عنصر من عناصر الخلطة، أو لعدم ملاءمته للحظة!. اللحظة عنصر أيضًا!. يكون كل عنصر على حِدَة طيِّب ويحمل نسبة التأثير التي نريدها، لكنه يرتدّ علينا لأننا لم نحسن الترتيب أو التوقيت أو الدمج!.
ـ مرّت سبع سنوات ولم يُثِر كتاب "الفتوحات العربيّة في روايات المغلوبين" لحسام عيتاني، ما توقّعت له من ردّة فعل موازية لحجم، أو مبشّرة بنجم، أو ساعية لِلَجْم!. كنت أظن أن الكتاب سيثير ضجّة وحراكًا، ولَجّةً وعِراكًا، أكبر بكثير مما حصل له ومعه وتجاهه منذ صدوره!. لكنني عندما أتذكّر مدققًا في تاريخ صدوره عام 2011، أتمنى لو أمكنني البحث والتقصي عن كل إصدارات الكتب في تلك السنة، السنة التي تلقَّفَتْ من سابقتها أول خيوط الربيع العربي ونسجت ما نسجت!، لمعرفة مصير تلك الإصدارات، وإلى أيّ مدى يمكن لأحداث خارجة وطارئة مَهر أحداث داخلة ومُقيمة؟!
ـ تأخذني الأسئلة: هل يمكن لتاريخ الإصدار أن يؤثر في أهميته وقيمته؟!
مثلًا: ماذا لو صدرت رواية بنات الرياض اليوم؟. هل ستثير نفس الضجة؟!. ماذا لو صدر كتاب لا تحزن اليوم؟. هل سيحظى برقم التوزيع العجائبي الذي حظي به؟!.
ـ الأكيد أنّ أشياء كثيرة تغيّر الفهم والتناول والأثر!، ويبدو أن التوقيت أحد هذه الأشياء!.
ـ هل الكتب مثل الأفلام؟!. أفلام تسقط فقط لأنها عُرضت في الوقت غير المناسب!. وأفلام أخرى كان يمكن لها النجاح فيما لو تأخرت أو تقدمت قليلًا!.
ـ ماذا لو صادف عرض فيلم التجربة الدنماركية لعادل إمام، التوقيت الحرج الذي صنعته الرسوم الدنماركية المسيئة؟. أظن أن الفيلم نجح جماهيريًّا؛ لأنه كان وافر الحظ. سبق الضجّة بقليل، ثم لم يُقرن بها بعد ذلك أبدًا!.
ـ فيلم العالمي ليوسف الشريف سقط لأنه استبق الأحداث، وتصور حدوثها على هواه!. لكن الجزائر هي التي فازت وتأهلت على حساب مصر!. ربما لو أن عصام الحضري صدّ كرة الجزائري "عنتر"، لأصبح "يوسف الشريف" اليوم منافسًا لأحمد السّقّا ومحمد رمضان على شبّاك التذاكر!. بالمناسبة: "العالمي" سقط أيضًا، هذه المرة لا أتحدث عن الفيلم، يا للتوقيت!. سأتخيّر من هذا عنوانًا للمقالة، فالعناوين يمكنها فعلها شيء أيضًا، مثلها مثل العلامات التجارية، الجميع يحسد "Nike"!.
ـ التوقيت، والأسلوب، والطرف الآخر: مثلث سحري لحدوث الأشياء أو لتغييرها!. أحد الذين تنبهوا لذلك بحرفيّة عالية هو "بيير بايارد"، التساؤل الذي عنون به كتابه يكفي: "ماذا لو غيّرتِ الأعمال الإبداعيّة مؤلّفيها"؟!.
ـ أشياء بسيطة، لحظات أو أقل، يمكنها تغيير كل شيء، إلى الأفضل أو إلى الأسوأ. شخصيًّا، وعندما أستعيد ذكرياتي، حياتي الشخصية، أجد أنّ أهم متقلباتها، ضيقًا وفَرَجًا، وكل أمر الله خير، جاءت نتيجة أشياء أبسط من بسيطة، تكاد لا تُذكر، كل ما حصل لي، سُبِق بأقل من ثانية، حَمَلَتْ ومضة ما، حدثًا عارضًا لم يكن في الحسبان!.