( الكآبة الزرقاء)
يبدو أن من سمات النسق الثقافي الأزرق "عدم الفرح"، ولهذه السمة امتداد تاريخي لأكثر من عقدين من الزمن، ويبدو أن الإدارات المتعاقبة ساهمت في ترسيخ هذه الثقافة، فالفريق في مواسم عدة يحقق البطولات دون أن تقام له احتفالات سواء بالبطولة ذاتها أو بحفل شامل بعد نهاية الموسم.
وأذكر أنني كتبت عن "عدم الفرح الهلالي" قبل سنوات وحذرت من خطورة هذا الأمر، فالعلاقة بين النادي ومحبيه يجب أن تكون في مسارها الطبيعي، فالفريق عليه المقاتلة على تحقيق الانتصارات وإسعاد جماهيره، والجماهير عليها الدعم والمؤازرة عند الانكسارات قبل الانتصارات.
الغريب أن هناك فئة زرقاء أصبحت علاقتها بالفريق في حالة واحدة "المسرات"، فهو لا يرى الفريق إلا منتصرا ولا يرضى بغيره ولا تعنيه الظروف المحيطة ولا العوامل المؤثرة ولا حتى طبيعة الحياة عامة وكرة القدم خاصة، ولهؤلاء ذريعة يعتبرونها قاعدة لا تقبل الجدل "فوز الهلال هو الوضع الطبيعي وغيره لا"، وهذا أمر مخالف لطبيعة الكون، وأضرار هذا التوجه أن من يقتنع به لن يرضى بأي وضع آخر، وبالتالي يصبح من الطبيعي أن يحارب كل طرف يرى من وجهة نظره أنه ساهم في عدم الفوز، ولأن أسهل الحلول متوفرة في الثقافة الرياضية السعودية وعلى المقيمين حولنا مراعاة تشابه التكوين "المدربين".
للتأكيد على هذه "الحالة الزرقاء" جاءت ردة الفعل الهلالية بعد الفوز على الشباب في "ديربي العاصمة" كئيبة، وتحولت القروبات ومواقع التواصل العامة والخاصة إلى فورة غضب عارمة وصلت فيها المطالبات في أهون الأمور إلى "إقالة دياز"، والغريب أن المطالبات بدأت من أسماء إعلامية لها تاريخها ومكانتها، وبغض النظر عن كل شيء كيف يتم تحميل المدرب كامل المسؤولية، ويتم هذا الطلب الغريب والفريق للتو وسع فارق النقاط مع ملاحقه إلى أربع، رغم كل الظروف التي مرت بالفريق، ولو أنها مرت بغيره لكان الآن بعيداً جدا عن المنافسة، ولاكتفى بمتابعة بقية المنافسات تحصيل حاصل.
والهلال الذي يقتنع عشاقه بأنه "متفرد" عن بقية المنافسين "يشبه لهم" في ثقافة تغيير المدربين، وهذا أمر لا يليق بالفرق العملاقة التي تنشد الاستقرار الفني القادر على حفظ توازن المجموعة عند التعثرات والمنعطفات الخطرة التي تمر في مسيرته.
الهاء الرابعة
نَقْلُ الجِبالِ الرّواسي عن مَواضِعِها
أخفُّ من نقل نفسٍ حين تَنصرفُ
هَمُّوا بهجري وكانت في نفوسهمُ
بَقِيّةٌ من هَوىً باقٍ فما وقَفُوا.