2018-02-15 | 02:54 مقالات

تغميس وانغماس!

مشاركة الخبر      

ـ الشاعر، لا يصدّقهم حين يقولون إنه يكذب. حسبه فيما لو كان عطوفًا ومتفهّمًا، القول في سرّه: إنهم لا يكذبون، ما يقولونه غير صحيح لأنهم لا يعرفون وليس لأنهم يكذبون!. الشاعر يصدق مع نفسه لدرجة يصعب على الآخرين فهمها. هو صادق لدرجة أنّه فيما لو كان ظمآنًا، ثم كتب قصيدةً جميلةً عن الماء لارْتَوَى!.



ـ الحب يمنح الإنسان، ما يمنحه الشعر للشاعر من مشاعر صادقة، حدّ أنها تتجاوز في صدقها كونها مشاعر ومجرّد أحاسيس لتصبح حقيقة!. الخيبة كل الخيبة في عذل العاشق وملامة المُحِب، لا أعني بالضرورة الحب بين رجل وامرأة، رغم أنه الأشد قدرةً على الانفلات من الواقع وإخضاعه للخيال الذي يصير هو الواقع وهو الحقيقة وهو كل شيء!. أقصد الحب بكل معانيه وتحوّلاته واحتمالاته ودروبه!.



ـ أتذكّر حكايةً: من فرط حبي لزين الدين زيدان، أعظم لاعب كرة قدم في نظري ووجداني، دُعيت مرّةً من قِبَل أصدقاء، كان من ضمنهم المحلل الرياضي المعروف نايف العنزي، لمتابعة مباراة لريال مدريد في مقهى، كنت جائعًا، فطلبوا لي صحن كباب وصحن حمّص، حضرت وكان كل شيء جاهزًا، صافرة الحكم وصحن الحمّص، أشاهد وآكل، بعد أقل من نصف ساعة سألني أحدهم: ما رأيك بالحمّص؟، قلت: آوووه.. ما أطيبه، فضحك الجميع، لأنني كنت أغمّس الخبز بالحمّص دون أنْ أرفع غطاء البلاستيك عن الصحن!، كنت آكل خبزًا مغمّسًا بالهواء، ولكنني كنت صادقًا حين قلت: ما أطيبه!.



ـ حدثتكم مرّة عن المخرج فيلليني، لا بأس من إعادة ما قاله هنا: وأخيرًا تعلّمت كيف أزيد وزني من مجرّد النظر إلى المُعَجّنات من النوافذ، ومن أكلها ليلًا في الأحلام!.



ـ الكلام يجرّ بعضه. دائمًا ما نسمع من أهل التمثيل، عبارة: "يعيش في الشخصيّة"!، ما معنى ذلك؟!، سألت صديقي الممثل السوري المبدع النجم تيم حسن عن ذلك، قال: ليس بالمعنى الذي يفهمه معظم الناس، أخذ العبارة بمعناها الحرفي خطأ من السامع وقد يكون كذبًا من القائل!.



ـ نعم يستشعر الممثل في بعض الأدوار أنه وجد نفسه متداخلةً مع شخصيّة يقوم بتجسيدها، يعيش لحظة المشهد بكامل مشاعره معها ومن خلالها، لكنه قبل وبعد بل وحتى في قلب المشهد، لا ينفلت من فهمه لواقعه انفلاتًا تامًّا، إنه يدري بكل شيء، فالكاميرا تدور، وهو ملزم بحوار محدد في وقت محدد، ملزم بالصمت، ملزم بحركة الجسد. 



ـ أضاف ليضع نقطة آخر السطر: فيما لو كان المشهد يتطلب قتل الممثل الآخر بالسكين التي في يده، فإنه في نهاية المطاف لن يفعل ذلك حقيقةً، مهما كان دخوله في الشخصية عظيمًا، وصادقًا.