الغذامي وسعاد حسني وأنا وماجدة الرومي!
بالنسبة لي، كان هذا آخر عهدي بالتعليم الرسمي: ثانوية عامّة، بنسبة أقل من السبعين، وبالغِش!.
ـ كنت دائمًا من الخمسة الأوائل، خرجت من هذه الحِسبة مرّتين فقط، لكنني وفي الأسبوع الأول من السنة الأخيرة، تعرفت هاتفيًّا على صوت بنت دلّوعة، لعِبَتْ في حـسْبَتِي ونِسْبتي!، ولمّا اكتشفت في آخر السنة، أنّ سبعةً على الأقل من طلّاب فصلنا يعرفون رقم هاتفها، صرتُ شاعرًا!.
ـ حلمتُ بالجامعة، ولمّا لم يتحقق الحلم، رفضت تحويله إلى كابوس، وكانت هذه من التدابير القليلة التي أفخر بها إلى اليوم!.
ـ بدلًا من تحويل الحلم إلى كابوس، حوّلته إلى أجمل تحدّيات حياتي: القراءة!. مع بقاء حسرة صغيرة طريفة في القلب!.
ـ الزمن مضى وأمنيتي لم تتبدّد بعد: أنْ أكون "هشام سليم"، وأنْ ألعب تِنِس طاولة مع "ماجدة الرومي"، وأنْ يكون العمر في أوّله، تمامًا كما هو المشهد بحذافيره في فيلم "عودة الابن الضال" ليوسف شاهين!.
ـ قبل أيام، تابعت باستمتاع، مقطع فيديو قصير للدكتور عبد الله الغذامي، يتحدث فيه عن "لا أهميّة" الشهادة الدراسية!.
ـ الاستمتاع لا يعني الموافقة!. أجد في صوت وحركات ونظرات الغذامي محبّةً وسماحةً وفيض مودّة وطرافة رشيقة ودافئة؛ ولذلك أستمتع بكل حديث له!.
ـ غير أنني أُصِرّ على أهمية الشهادة، متى كان الأمر متاحًا، وفي حدود الممكن أو قريبًا منه!. ولا تقنعني الأمثلة المطروحة بالمتنبّي والجاحظ وغيرهما، لو كان في ذلك الزمن جامعات لتجاوزوها من خلالها، ولم يقفزوا عليها!. العقّاد يصلح مثلًا أكثر إقناعًا، وإدواردو غاليانو أكثر وأكثر: حتى أنا أعلى شهادة دراسية من غاليانو، شهادته أولى ثانوي!.
ـ ورغم قدرة الدكتور الغذامي ـ ما شاء الله ـ على الاختصار باستفاضة!، وعلى قَنْص غزالات الأفكار، باقتدار الواثق الفطن، كأنه صاحب بيت الشعر الشعبي الشهير: "بشّرتهم بالعشا من عُقْب مقيالي.. القايدهْ مع مردّ الكوع ضاربها"!. إلا أنني أتذكّر أول من أسكن معنى حديثه هذا في نفسي، وقد فعل ذلك باقتدار أطيب وباختصار أعذب!، كان ذلك هو الفنان المصري "أحمد مظهر"، في فيلم "ليلة الزفاف" لهنري بركات!.
ـ سعاد حسني: "بتدرس إيه؟! انت ناقص شهادات؟!". أحمد مظهر: "والله ما هي الشهادات دِي معمولة على شان الواحد يفتكر دايمًا انّه ناقص عِلْم"!.