الوزير وعادل إمام و"بنت أفندينا" والسهلاوي!
سألني صديق عن رأيي في "مايكل بيتس"، الوزير الذي قدّم استقالته لشعوره بالخزي فقط؛ لأنه تأخّر عن حضور المجلس خمس دقائق أو أقل. قلت: ليس في ذهني تجاه هذا الموقف سوى مشهد من مسرحيّة "شاهد ما شافش حاجة" لعادل إمام: "يا بِيهْ.. لو كلّ واحد عَزِّلْ عشان تَحْتِيهْ واحدة رقّاصّةْ.. البلد كُلّها حـَتْبَاتْ في الشارع"!.
ـ وعبر مواقع التواصل، تابعت عددًا من ردود الأفعال العربيّة تجاه موقف اللورد البريطاني. استوقفتني ردّة فعل تمّ طرحها بأكثر من صياغة، ترى بأنّ ما حدث ليس سوى حركة تمثيلية واقتناص فرصة، من وزير ذكي يريد أصلًا ترك المكان والمنصب!.
ـ رأيي: حتّى وإن!. يظل المشهد رائعًا، حَضَاريًّا، يستأهِل التقدير والتوقير. إنْ كان بريئًا وغير مسبوق النوايا فهو نزاهة والتزام وخُلُق مهني رفيع. وإنْ كانت النيّة مبيّتة وكل ما كان مُنتَظرًا هو الفرصة، فإنه يستحق أنْ يُنظَر إليه فنيًّا، كمشهد سينمائي مُعبِّر، أو كقصّة قصيرة خلّاقة!.
ـ حتى لو نظرت للمشهد من زاوية التشكيك في النوايا المُسبقة، يظل جميلًا. فقد عَرف الرجل كيف يلتقط خطّ الرسم ليُكمِل به اللوحة!. عرف كيف يسقي بذرة رغبته بما يجعلها شجرة طيّبة الثّمَر، وارفة الظِّلال!. عرف كيف يُنهي قصيدته بقافية ساحرة!.
ـ الكلام يجرّ بعضه: قبل أيام كتبت "بنت أفندينا" المغرِّدة التي لا حدود لجموحها، والتي تكشف دائمًا عن ثقافة عالية ورهافة فنيّة متعوب عليها، تغريدة ساخرة بالعاميّة: "فيه موضة منتشرة هاليومين لأي أحد يبي يقول سالفة عن نفسه!، يبدأ الموضوع بسألني أحد المتابعين!، أرسل لي أحد الأصدقاء يسألني!، عاتَبَتْني صديقة مُتسائلة!، وبعدين يسرد حكايته!، وهو كذوب لا أحد سأله ولا شي،...!"
ـ رأيي: أنه لا يهم ذلك!، وأنه قد يكون أسلوبًا!. المهم ماذا يُقال وكيف يُقال!. حكاية "سألني" و"عاتبني" وما يدور في فلكهما، لا تضر، وهي أكرم بكثير ولا يمكن مقارنتها، بـ "حدّثني ثقة"!. الأولى يمكن لها أن تكون أدبًا، الثانية غالبًا دعاية وإعلان!.
ـ لا يهمني إن كان، أو لم يكن، هناك فعلًا روائي شاب في الطرف الآخر، يكفيني أنّ "يوسا" قدّم كتابًا جميلًا، اسمه: "رسائل إلى روائي شاب"!.
ـ وما أكثر ما يتكرر على أَلْسِنَة أهل الكرم، في الشعر العربي القديم: "أَقِلّي عَلَيَّ الّلَوْمَ.."، يُحدِّث بها الكريم زوجته كثيرة العتب، وما أسهل أن نستنتج، بالاتكاء على "فرويد" تحديدًا، أنّه ليس إلّا حوارًا داخليًّا بين الشاعر ونفسه!.
ـ كدتُ أنسى شيئًا: لم يسألني صديق عن رأيي في استقالة "مايكل بيتس"!، أنا آخر حَدِّي أنْ أُسأل عن رأيي في مستوى "السهلاوي" هذه الأيام!، وهو سؤال لا كلمات عندي للإجابة عليه، هزّة الرأس تكفي!.