2018-02-01 | 04:59 مقالات

طيِّب.. و"البرغي"؟!

مشاركة الخبر      

الذين يتشعبون، الذين يجعلون من مهامِّهم أوسع وأكثر عددًا، إمّا عباقرة، وهؤلاء يصنعون الاستثناء دائمًا، وإمّا هاربين من حقيقة عجزهم عن أداء مهامّ محدَّدة بعينها أداءً جيّدًا، وعدد هؤلاء كثير، يكاد يصلح قاعدة!.



ـ يمكن لكرة القدم، بحكم شعبيتها وانتشارها، تقديم أمثلة على ذلك. يكفي مَثَل واحد: أمْكَنَ لمارادونا اللعب في كل خانات الملعب، بمهارة، وبفاعلية ذات تفوّق، وصحيح أنه لم يلبّس قفّاز الحِراسة، لكن أشهر هدف في الدنيا كان بيده!، بعد ذلك بأربع سنين أنقذ منتخب بلاده من هدف محقق، صدّ الكرة بيده أيضًا!، أتذكر تعليق حكم المباراة المخدوع يومها: "تم تحذيري نعم، قلتم إنه يلعب في كل مكان، لكنكم لم تقولوا لي إنه حارس مرمى أيضًا"!.



ـ لكن مارادونا لا يُرمى به على "سبيل المثال"!. خُلِق ليكون"حَصْريًّا"!. وأقصى ما يمكن للأمثلة الاستفادة منه، هو طرح المُقابِل!.



ـ في المُقابِل نجد عددًا كبيرًا من لاعبي كرة القدم، كلّما قلّت قدراتهم في الأمر المحدد المخصص لهم، وَسّعوا، أو طلبوا من مدربهم، توسيع مهامّهم!، فالمهاجم الذي يبدأ زيت قنديله بالتناقص وخفوت اللهب، يصير صانع لعب، ونصير محْوَر، وظهير أو مُساند للظهير، ومدافعًا أو ضمن أفراد حائط الصّد، وهكذا!.



ـ يعجز عن التهديف، فيهرب من مهمته الأساسية إلى عدد غير محدد من المهام الثانوية، غير المطلوبة منه بشكل رئيسي، يساعد أو يُضايق زملاءه في مهامّهم المُوكَلة إليهم!، مع غطرسة لا مبرر لانتفاخه فيها، حيث يستاء أو يرفض أن يحل أحد محله في خانته الأساسية!.



ـ يحدث هذا في الحياة أكثر بكثير مما يحدث في ملاعب كرة القدم، حتى أنه يكاد يشكّل الفارق الأشد وضوحًا، بين الأمم المتقدّمة والأمم المتراجعة والمتأخِّرة!.



ـ قد لا يعرف عامل مصنع في ألمانيا، شيئًا عن هيجل أو نيتشة، ولا أسماء الأحزاب السياسية المتسابقة على الحُكم في بلاده، لا تمثّل له رموز مثل "CDU” أو "SPD”، أي معنى، لكنه في نوعيّة وفعالية واسم "البرغي" الذي يُركِّبه ويضبط به المصنعيّة ماهر، لدرجة أنه لو لم يعثر عليه لصنعه بنفسه!. بالرغم من أنّ هذه المهارة ما كان لها أن تكون لولا أفكار هيجل، وشطحات نيتشة الفلسفية، وفعالية الحركة السياسيّة!.



ـ عمّال ذات المهنة أو ما شابهها من الحِرَف في الأمم الأمم المتراجعة كثيرًا في الترتيب، يعرفون كل شيء، يحسبون أنهم يعرفون كل شيء، بدءًا من تجبير العظام إلى دخول الجنة، مرورًا بالطريقة المثلى لحُكْم العالم بنزاهة، وطبعاً خلطة النبات الشافية من السرطان، والأخرى القادرة على إعادة الشيخ إلى صباه!.



ـ يؤذونك في تفسيراتهم حتى لمشاعرك، ويشككون في صحة نواياك وسلامة عقلك حتى في مَيْلَكَ العاطفي وذائقتك الفنية الخاصة!.



ـ طيِّب يا جماعة و"البرغي"؟!. ـ أنت تسأل عن أشياء تافهة، عابرة، غير مهمة. كبِّر عقلك!.