قليلًا من الفوضى!
ـ الرتابة ليست من الترتيب، لكنها من الترتيب الصارم، القطعي تمامًا!.
ـ طالما أنّ الإنسان كان طفلًا، وطالما أن الطفولة هي أُمّ الأحلام ومرتع التخيّلات، ففي كل إنسان فنّان، والترتيب مهم ليُنجِز الفنان عمله، لكن قليلًا من الفوضى مهم للدخول أصلًا في العمل، ولاستدعاء الومضة الخلّاقة فيه، وللتعامل معها بما يلزم من حِرْفِيّة المرح!.
ـ في كل ترتيب قصقصة لأجنحة طائر ما، وما إنْ يُقَصّ جناح حتى يضيق فضاء!.
ـ الترتيب طيّب حتى لا نتوه، لكنه حين يكون صلبًا جدًّا، فإنه يمنعنا من كل أنواع الضياع، وفي هذا خطر وضرر!.
ـ هناك ما يمكنني تسميته بـ"ضياعات آمِنَة"!، وأظن أن جزءًا كبيرًا من السعادة مخبوء فيها!.
ـ كلّنا جرّبنا ذلك، كنّا أطفالًا، أخَذَنا اللعب فلم ننتبه للوقت والطريق، وتُهْنا عن البيت قليلًا، هذه الـ"قليلًا" كانت كافية دائمًا لجعل البيت أجمل، وللانتشاء بومضة سعادة حقيقية لحظة استدلالنا عليه!.
ـ الترتيب العادِم لإمكانية حضور أي فوضى، من أي نوع، صانع شيخوخة باقتدار!.
ـ ألا تكون هناك احتمالات، أو أنْ تكون جميع الاحتمالات المُقترَحَة مُجَرّبة مُسبقًا، ومعروفة النتائج، تكاد تُدَسُّ في عُلبتها شهادة جودة وضمان: هذه هي الشيخوخة!.
ـ أحلى ما في الحب والقراءة والسفر، إزاحة المُعتاد و"الطبيعي"، المنسوخ بالكربون، لصالح ظنون لم تأخذ شكلها النهائي بعد!.
ـ لولا الخَلْخَلَة ما رَنَّ خلخال!.
ـ المنطق أثقل من الفلسفة، والفلسفة أثقل من الرواية، والرواية أثقل من الشعر، والشعر أثقل من الموسيقى!، ولولا أن فوضويّة العطر متسيّبة أكثر مما يحتمل الفن، لصار العطر فنًّا!. ولتنازلت له الموسيقى عن عرشها، واكتفت بأن تكون ثاني أقرب الفنون للكمال!.
ـ في المرّات القليلة التي أُجهِد فيها نفسي بغرض ترتيب مكتبتي، وما إنْ أنجح في ذلك حتى أفقد متعة التمشية فيها!. أتنازل عن كل ساعات الترتيب، وأقوم بتخريبات صغيرة، تكبر فأغضّ الطرف!. يصير المرور على الرفوف وزوايا المكتبة مثقلًا باحتمالات الوقوع على كتاب لم يكن متقصّدًا بذاته، والأهم أن التمشية في المكتبة تصبح مُخصّبة بتأمّلات غير هادفة!.
ـ يبدو أنّ الفوضى، قليلًا من الفوضى، تُرتِّب بالنسبة للإنسان موعدًا مع الفنّان الذي فيه، وللفنّان موعدًا مع الصُّدفة!، صُدفة الخيال، وفرصة لا تتكرر للإمساك به في حرف أو لون أو نغم!.