.. ولكنه ضَحِكٌ كالبكا!
خفيف الظِّلّ مُضحِك، لكن العكس غير صحيح بالضرورة، أو هو غير صحيح على طول الخط!.
ـ خفيف الظِّل ذكي على الدّوام وفَطِن وقنّاص كلمات وردّات فِعل ونَظَر، والإضحاك شيء في طبعه وليس مهمّة من مهامّه!. يكاد لا يتقصّده ولا يهدف إليه!. أقول: يكاد!.
ـ الرغبة الدائمة في الإضحاك، بنيّة الإضحاك دون هدف أبعد، ودون معنى مُرافِق، هي في الغالب عقدة نقص لم تحظ بتطبيب جيّد!.
ـ كما أنها رغبة مؤذية، مهما بدت على غير ذلك من الخارج!. هي واحدة من أكثر الأراضي صلاحيةً لزراعة الكذب!. والكذب طَلَاحِيَة!. الكذب قِلّة مروءة!.
ـ فإنْ لم يتنبّه أحدهم إلى ما في الإضحاك من طبيعة بَرْقِيّة، تستلزم مراعاة التوقيت، وضرورة عدم الإطالة، رُكِّبَ القِدْر على ثلاثة: عقدة نقص، وقِلّة مروءةٍ، وانعدام فِطْنة!.
ـ كثير من أهل السوشال ميديا صاروا يتوسّلون النجوميّة والشهرة عن، ومن، هذا الطريق!. يظلّون على أي حال أخفّ ثقلًا ووطْأَةً ممّن يقتحمون حياتك الحقيقية!.
ـ الذين يتوجّهون إلى الإضحاك مباشرةً، دون هدفٍ سواه، كثيرًا ما يخسرون الرّهان، وهم عادةً لا يقدرون على أكثر من نصف ساعة متواصلة، بعدها يبدأ ثقلهم بالتكشّف!. ثقل وقِلّة نباهة!.
ـ رغمًا عنك ينحدر تقديرك لهم، فتشعر بالحرج!، تحاول ألا يتبيّن منك لهم هذا الانحدار في تقديرهم، ممّا يزيد الطّين بَلَّة!، فمجرّد إحساسك بأنك بدأت تحاول إخفاء شعور، فإنّ ذلك يُثقلهم على قلبك أكثر!.
ـ لا يُنقذهم ولا ينقذك من ذلك غير حضور أشخاص جُدد للجلسة، جمهور!، يختفي ضحكك الذي صار مشبوهًا بالمجاملة الآن، في ضحكهم الطّازج قبل أن يصطدم بحائط الملل بعد قليل!. يحضرون فيصير حالك حالهم، لا يتوقّف المُضحك، يصير حالهم حالك!، ولا بد من حضور أشخاص جدد لقتل الرّتابة!. صار النور نارًا، والنار تريد حطبًا!.
ـ ومن أهل الإضحاك، من يضحك على حكايته وفيها، لا تكاد تسمع ما يقول لأن ضحكه على ما يقول أعلى من صوته فيما يقول!. هذا مثل من يقرأ على الجمهور قصيدة ويصفِّق لنفسه!.
ـ سجِّل في ذاكرتك أفضل عشرين مسرحيّة شاهدتها، تلقاها أخفتُ ما تكون إضحاكًا في الفصل الثالث الأخير!. ذلك لأن الظرفاء حقًّا من أهل الفن، كُتّابًا وممثلين، يعرفون أنهم فيما لو نجحوا في إضحاكك فصلين كاملين، فإن هذا النجاح ذاته سيتسبب في فشل مهمة الإضحاك بعد ذلك!، وهم كلّما قاموا بعملهم في الفصلين الأولين على أكمل وجه، اقتربت من تمامها نسبة الفشل في أن يكون الفصل الثالث جلّاب ضَحِك!.
ـ مهما كان الأكل طيّبًا وشهيًّا فللمعدة حدود!. والطّباخ الفَطِن لا يزيد!. بعضٌ من البخل كرم!.