الطريق
بفضل موهبته وإيمانه بما يعمل، تحوّل من رسام كاريكاتير في الطرقات والمطاعم، إلى مخرج، ومن مخرج شهير إلى مخرج أسطورة: "ليستا شيئًا واحدًا. الشهرة تُسهِّل العمل، أما الأسطورة فتلغيه"!.
ـ فيما بعد.. وليكسر جزءًا من هذه الأسطورة، وبالرغم من كونه قليل مساومات، أخرج أفلامًا للتلفزيون: "أفلامي السينمائية هي أولادي، أما أفلامي التلفزيونية فهي أشبه بأبناء الأخوة والأخوات"!.
ـ أَحَبَّ النساء كثيرًا، لكنه لم يحب نساء كثيرات!، قضى معظم حياته مع امرأة واحدة "جيوليتا"!، يعترف: "ربما أقوم بأحسن الأعمال ابتغاء لفت أنظارهن"!، لكنك بعد قراءة مذكّراته ستكتشف أنه كان يُظهرهن شبه عاريات؛ لأنه كان يخافهن!، يعتبرهن لغزًا، وحين يفكِّر بكلمة السُّلْطَة كان يستحضر وجه أمّه، مشيتها، وأوامرها!.
ـ صنع أفلامًا رائعة، كلها تقريبًا نجحت فيما بعد!، أمّا في وقتها فقد آذَت المنتجين، وهجرها جمهور السينما، ومن بين كل عشرين ناقدًا وناقدًا، واحد يمتدح الفيلم، لكنه "ولأنه" يفسِّره على هواه!.
ـ أنقذته الجوائز، وغرابة الأفلام التي حتى وهي تخسر وتُهجر، تظل مثار حديث وجدل!.
ـ وكان يستغرب، متأفِّفًا، من كل هؤلاء الذين يريدون معرفة سبب صناعته للأفلام، كان يرى أن الإبداع ضرورة، أمّا هُمْ، يمطّ شفتيه: "هُم يعتقدون أنّ وراء الضرورة الإبداعيّة سببًا ما"!.
ـ علاقته بممثِّليه كانت عجيبة. تقريبًا يدخلون الفيلم دون معرفة القصّة مسبقًا، وفي أحيان لا يعرفون حتى حواراتهم قبل لحظة التصوير!. فالحبيب الذي يعرف أنّ محبوبه سيهجره بعد كذا مشهد، لن يتوهّج بالمسَرَّات كاملةً في مشاهد اللقاء الأولى!.
ـ ربما كان يكتفي بالقول للممثِّل الذي يؤدي دور أحد الأثرياء: "يأكل الأغنياء في بطء، فليس هناك ما يستدعي قلقهم على نقصان شيء، إنّ اهتمامهم مُنصَبّ على مظهرهم وهم يمضغون"!.
ـ ولسوف تعجب من أداء الممثلين في أفلامه، عجبًا يقترب من الشك، فيما هل كانوا يمثّلون فعلًا، أم أن هذه هي حقيقتهم، وكل ما عداها، هو التمثيل؟!. لديه إجابة ثالثة ألْغَزُ وأطرف: "عرفتُ ممثِّلًا أدّى دور المُغَفَّل مدّة طويلة، وهو الآن مُغَفَّل على الدّوام"!
ـ يصعب اختصار أكثر من 500 صفحة في كتابة، تحاول ألا تزيد عن 500 كلمة، ومن حسن الحظ أنني لا أنوي ذلك. كل ما أريده هو الدعوة لقراءة كتاب رائع عن أهم مخرج سينمائي بالنسبة لكثيرين أنا واحد منهم. مع تنبيه بسيط: لن تجد في أفلام فيلليني "ولا في مذكّراته" أجوبة، كل ما هنالك فيض تأملات وأسئلة!.
ـ أحلامك هي حياتك الحقيقيّة، وأنت باختصار تخيّلاتك!، هذا ما يؤكد عليه في مذكراته، حيث الكتاب الممتع "أنا فيلليني"، الذي أعدّه "ش. شالندر"، وترجمه للعربية "عارف حديفة".
ـ أخيرًا: ربما يكفيك من هذه المذكّرات، الوصول إلى معرفة أن الاستياء يستنزف الطاقة، وأنك فيما لو عرفت ذلك ثم أسِفْتَ على ما سبق لك من استياء، فإن الأسف يستنزف الطاقة أيضًا!.
ـ إضاءة: كل ما تم تقويسه مأخوذ من الكتاب، أما عنوان المقالة فهو عنوان أكثر أفلام فيلليني تأثيرًا فِيَّ وعلَيَّ. قلتُ بالمَرَّة: أدعو لقراءة كتاب ومشاهدة فيلم في مقالة واحدة!.