بدر السعيّد ـ صنّاع الوهم المنظم
يقف المتابع للمشهد العام في وسطنا الرياضي السعودي موقف الدهشة تجاه ما يشاهده من تعصب مقيت تعددت صوره ومظاهره حتى تجاوزت "بعض" مراحله حدود المعقول والمنطق.
ولعل "المتأني" في قراءة المشهد سيجد أن هذا التعصب لم يأتي كردة فعل لتصريح هنا .. أو قرار هناك .. فحالة التعصب الحاصلة في مجتمعنا الرياضي لا يمكن أن تكون ردة فعل تلقائية نتيجة قضية معينة أو قرار بعينه .. فالمسألة أشمل وأكبر من ذلك بكثير، حيث إن هناك أفرادا ومجموعات زرعت في عقولها نظرية المؤامرة "الوهمية" بشكل منظم ومتواتر ..
تبدأ فصول ذلك الوهم المنظم بالتباكي وادعاء المظلومية بعد أن تمت حياكة القصة "الوهمية" المدروسة بعناية وفقاً لبعض المعطيات والأحداث والشخصيات .. ثم يأتي الاتهام والتشكيك المبني على فرضيات تمت صياغتها بـ "الكثير" من الخبث و"القليل" من الاحترام ومخافة الله .. حتى تنتهي فصول الحكاية بترسيخ الكره في عقول ذلك الحشد وتصديقهم للوهم ..
ولا يتحقق ذلك إلا بعد أن ضمن صنّاع الوهم الحصول على منتج هو عبارة عن مشجع قد سلم عقله وكل مشاعره لهم .. وبات جاهزاً لتلقي "البغض" وقد تأصلت الكراهية في عقله .. علاوة على جاهزيته الافتراضية لاستقبال ما لذ وطاب من القصص التي نسجتها العقول المدبرة للوهم مهما بلغت صعوبة حصولها.
ومن ضمن أبجدياتهم كذلك صناعة أعداء "وهميين" للنادي سواء كان ذلك العدو شخصاً أو جهة ما لمجرد أن أحدهم طبق قراراً "نظامياً" بحقهم .. أو قدم وجهة نظره المخالفة لوجهة نظرهم .. ولا يقف طابور الأعداء الوهميين عند هذا الحد .. ففي حالات متقدمة لمرضى "غسيل العقول" تجد أن مجرد اختلاف ميول الآخر عن ميولهم هو بحد ذاته أمر يستدعي الخصومة والخلاف وعدم قبول أي رأي أو قرار صادر عن ذلك "العدو الوهمي" والسبب هو أنه اقترف الذنب العظيم بتشجيعه للخصم.
فهل سيقف صنّاع القرار متفرجين وهم يرون المسببات أمامهم؟ ها هم صانعو الوهم يتصدرون المشهد كل في موقعه .. يصدرون كذبهم أمام مسامعكم وأعينكم .. يبالغون في العداء وتشويه الصورة .. فهل من رادع يستأصل ذلك الخبث من جسدنا الرياضي؟
صدقوني .. سيستمر صنّاع الوهم في تنفيذ أجندتهم التي بتنا نتجرع "علقمها" في رياضتنا الوطنية .. ولن يتوقفوا عن ذلك من تلقاء أنفسهم فالنتائج التي تحققت لهم تدفعهم للمزيد من الزيف وغسيل الأدمغة، والحل هو "تجريم" أفعالهم .. ومعاقبتهم .. فالأجيال الشابة أمانة في أعناقكم يا كرام ..
كل ما سبق يا كرام .. كان "جزءاً" من واقع نعيشه .. والدليل أن المقال بحد ذاته سيعد سبباً منطقياً لضحايا الوهم بأن يعتبروا كاتب السطور أحد الأعداء طالما أن كلماته قد تخالف ما غرس في عقولهم.
دمتم أحبة .. تجمعكم الرياضة .. ويحتضنكم وطن.