الهلال يكفي الحاجة
(حوار مع مشجع هلالي)
ـ أهلاً بك..
ـ ليتك تقول (أهلالٌ) بك؟
ـ لماذا؟!
ـ لأن هذا الهلال الكبير، الذي ينتقل من علو إلى علو، ويجلس على عرشه في بهاء وسمو، هو بي وأنا به، هو مني وأنا منه، هو لي وأنا له.. إن سألتني: «كيف حالك؟!»، وقلت لك: «أنا بالهلال»، فهذا يعني أنني بخير، أنني أنجو بنفسي من مشقة العبوس، وأزيح عن صوتي ما أثقل الكلمات فيه أن تخرج منه بسبب حزن طارئ.
ـ لماذا تشجع الهلال؟!
ـ السؤال الصحيح هو: لماذا تحب الهلال؟!
ـ وهل هناك فرق بين التشجيع والحب؟!
ـ نعم، التشجيع قد يتغلغل فيك بالوراثة، أو قد يكون واحداً من عاداتك السيئة.. أما الحب فهو حياة أخرى، ولهذا أنا أحب الهلال، ثم أشجعه لأنني أحبه.
ـ إذاً سأسألك: لماذا تحب الهلال؟!
ـ لأنه يمنحني الفرح والزهو معاً.. كلما سئمت من مواجهة الحظ العاثر في هذه الحياة، ذهبت إليه، وأنا على يقين أنه سيمحو الشحوب من وجهي، وسيزرع حقلاً من البشاشة فيه.. وسيضخ في قلبي عمراً آخر من البهجة والنشوة التي لا تموت.
هذا الأزرق العظيم لا يجيد القيام بعمل آخر غير الفوز، فقد وُلد وفي فمه ملعقة من «ذهب».
ـ لكن الفرح موجود في الهلال وفي غيره!
ـ صحيح، لكنه في الهلال دائم، وحدوثه أكيد، وليس مجرد احتمال.. أن تكون هلالياً يعني أن تكون الأول، وهل أجمل من أن تكون الأول مرة أو مرتين كل عام؟! أن تمر بك الوجوه وتمر بها وهي ملفعة بالخيبة، وندرة الأمل، وشح الظنون الحسنة، فيما وجهك ضاحك، مسفر.. أن تتحدث عن فريقك أنه سيفعلها ـ سيفوز ـ ثم يحدث ذلك ببساطة شديدة.
كان لاعب كرة القدم، الأمريكي السابق كايل روت يقول: «لن تتعب عندما تهاجم بنفس المقدار الذي ستتعبه وأن تلاحق من أجل استعادة الكرة».. ولذلك لا يتعب الهلال لأنه يهاجم دوماً، إنها ثقة القوي في نفسه، يقينه بأنه الأول، إيمانه التام بأن «وجوده في المركز الأول يعني أنه في المركز الأول، أما أن يكون في المركز الثاني فهذا يعني أنه لا شيء».. والهلال شيء عظيم.
ـ فعلها الهلال مرة أخرى، فاز بلقب جديد، وزادت بطولاته رقماً.
ـ نعم، فعلها الهلال كالعادة.. والصحيح أنه فـ«علا» الهلال كالعادة.. الهلال لا ينافس على البطولات، بل يتنفسها، والمباهاة ليست بأن بطولاته زادت رقماً، ولا بالمسافة الطويلة بينه وبين أقرب الأندية إليه حين يُتْلَى بيان الفخر والذهب، وإنما المباهاة بهيبته، وبقوته، وبالنور الذي يتركه في كل منصة يصعد إليها.. وبرائحة الشموخ التي تفوح من غرف الرؤساء والإداريين، وقمصان اللاعبين ومدرجات الجماهير وهي تقفز صارخة: «يا هلال عزك عزنا.. يا هلال»..
خزائنه مُترعة بـ«الذهب»، مدرجاته تغص بـ«الجماهير»، ألقابه لا تحصى، والمجد دائماً في استقباله.. (الهلال يكفي الحاجة)، ولو زرع كل واحد منا حُب الهلال في قلبه، لما توقف مطر فرحته عن الهطول.
ـ ما التالي.. هل من مزيد؟!
ـ بالتأكيد، كلما وضع المجد رأسه على حافة المنصة ونام.. أيقظه الهلال!
ـ لتكن خاتمة هذا الحوار، بالسؤال الذي بدأنا به: لماذا تحب الهلال؟!
لأن «الزعامة» من وصفه..
وأما فيما سِواهُ «خيال»..
لأن «البطولة» من طبعهِ..
وأما الهزيمة محض «احتمال»!