بستان مولاي عبد السلام! - طلال الحمود
عادت البطولات العربية بعد سنوات من الغياب، وعاد معها اسم الاتحاد العربي للتداول مجددًا، وعندما يذكر هذا الكيان لا بد أن يذكر الأمير فيصل بن فهد، الذي عانى طويلًا من أجل نجاح مشروعه واستمراره، وفي هذا السبيل واجه الأمير الكثير من المصاعب الكبيرة، وأيضا الصغيرة التي لم تكن تقل أهمية في تفاصيلها، ومن تلك الصغائر اختلاف اللهجات العربية بين المشارقة والمغاربة!.
في البطولات العربية كانت مصطلحات كرة القدم تغص بالتسميات، إذ إن عرب الشرق تحديدًا لا يعرفون ماذا يعني "شرود، تربص، مؤطر، ناخب"، وكذلك عرب المغرب لا يعرفون معنى "تسلل، معسكر، رمية تماس"، وحرصًا من الأمير على تقريب التسميات دعم إنشاء اتحاد عربي للصحافة، ولجنة مختصة بالتعليق والمعلقين، غير أن الاختلاف بين العرب استمر وبلغ مرحلة الحرج من بعض التسميات!.
في العام 1987 استضافت الرياض البطولة العربية للأندية بمشاركة نادي "إليكترونيك تيزي أوزو" الجزائري، وحفاظًا على روح الأخوة العربية تم التنبيه بعدم الحديث كثيرًا عن هذا النادي، لأن بعض أبناء المغرب العربي يستبدل حرف "التاء" بحرف "الطاء"، واستمر التوجيه حتى تم إقصاء الفريق من البطولة، ومعه انتهى كابوس اللجنة المنظمة!، وبعدها بنحو عامين استضافت مراكش مباريات بطولة الأندية العربية، وقامت بتعريف المشاركين بالأماكن السياحية من خلال نشرة خاصة، وحفاظًا على الاحترام المتبادل، تجاهل الاتحاد العربي أحد أهم المعالم القريبة من الملعب، وهي "عرصة مولاي عبد السلام" والكلمة الأولى تأتي بمعنى بستان أو حديقة، غير أنها في بلاد الهلال الخصيب تأتي بمعنى لا يسر السامعين!.
وخلال ربيع العام 1995 شارك الشباب السعودي في البطولة العربية التي أقيمت في مصر، بعدما وقع عقد رعاية مع أحد مصانع المكيفات المحلية، وارتدى الفريق قميصًا يظهر عليه اسم المصنع، وفي تلك البطولة حاول لاعب الشباب رشيد الداودي القادم من الوداد البيضاوي الاعتذار عن عدم المشاركة لظروف خاصة، غير أنه تراجع تحت الضغط وخاض مباريات البطولة التي كان نجمها الأول بلا منازع بعدما تصدرت صوره المطبوعات المغربية، وفي مقدمتها الصحف المتعاطفة مع الرجاء البيضاوي!.
تفاصيل صغيرة لكنها كانت محرجة للعرب في مناسباتهم، ومادة دسمة للسخرية أحيانًا، وربما أوغر اللاعب التونسي أمين الشرميطي الصدور عندما أحرز هدفًا قاد النجم الساحلي للفوز بكأس أندية إفريقيا على حساب الأهلي المصري في القاهرة، ما قاد صحيفة مصرية في اليوم التالي للحديث عن المباراة تحت عنوان: "وفعلها ابن الشرميطي"!.
تطابق الكلمات واختلاف المعنى من بلد إلى آخر، يبقى مادة للتندر دائمًا، غير أنه يمتد أحيانًا إلى حساسية في التعامل مع بعض الأعمال الفنية، ومنها أغنية الفنان المصري محمود شكوكو الأخيرة، التي أصبحت ممنوعة من العرض في دول الخليج بسبب اختلاف المعنى!، كذلك بعض من لا يمكن نقل أحاديثهم إلى المجالس بإسناد حسن مثل الشيخ "بسام جرار"!. بل وحتى المذيعين ومنهم الرائع "خالد جرار" الذي لم يستمر طويلًا على شاشة mbc في التسعينيات، ولا أعلم إن كان لمعنى الاسم في السعودية دور في عدم استمراره!.
وربما امتد تأثير الاسم إلى الجانب الاستثماري، إذ لا يفكر المغاربة في دبي من المقيمين أو الزائرين بالسكن أو حتى الاستثمار في شارع دشنته بلدية دبي قبل أشهر!.. وعند الحديث عن الأسماء الأعجمية وتطابقها مع كلمات شعبية "حساسة" يبلغ التندر ذروته، وفي هذا تبارى العرب طويلًا بعيدًا عن مباريات الاتحاد العربي لكرة القدم.