"مواهب المواليد"
جمعتني قبل فترة ليست بالقصيرة الصدفة بلاعب خليجي دولي ومميز مهارة وخلقًا في بهو أحد الفنادق في عاصمة ذلك البلد، وهو الذي حضر مسرعًا، بعد أن شاهدني جالسًا بمفردي، وبعد السلام وتبادل التحايا، أدهشني بأنه يتقن "اللهجة الحجازية"، وقد زالت دهشتي عندما أخبرني أنه من مواليد السعودية، وأنه يدين بالولاء والمحبة للأرض التي أبصرت عينه النور فيها، والغريب في الأمر، أنه ورغم حصوله على جنسية البلد الذي لا يرتبط فيه سوى بجواز سفر وقميص ناد ومنتخب أن أهله ما زالوا يعيشون في السعودية، وأنه بمجرد الحصول على أي إجازة؛ سواء أكانت قصيرة أم طويلة، يذهب فورًا لأرض النور، فهو يسمي السعودية بهذا الاسم.
هذا اللاعب وغيره الكثير، لعل من أبرزهم اللاعب عمر عبد الرحمن، الذي يعد حاليًّا من أفضل نجوم القارة، ولدت وترعرت ونشأت هنا، ومن غير المعقول أن يذهب للآخرين خيره وموهبته وخدماته، وهذا النظام لا يعد "تجنيسًا" من أجل الرياضة، فالمولود في الوطن يتماشى مع النسيج الاجتماعي السعودي، فيرتبط بنا دمًا وعقيدةً ولغةً، وقد منحه الله موهبة، فلماذا لا يتم الاستفادة منها؟.
هذا الإجراء جعل من زيدان، الجزائري الأصل، أسطورة فرنسا، وهذا الإجراء جعل من الولايات المتحدة الأفضل عالميًّا رياضيًّا، وفي جميع الألعاب الفردية والجماعية، ما دعاني إلى كتابة ما كتب أعلاه، هو القرار التاريخي والمهم الذي اتخذته الهيئة العامة للرياضة، برئيسها الجديد تركي آل الشيخ بتشكيل لجنة مكونة من عدد من نجوم الكرة السعودية، للبدء فورًا في استقبال مواهب المواليد.
ما يحسب لهذه الخطوة أنها بدأت "تنفيذية"، واعتمدت على العمل الفوري، حيث سيكون يوم غد الثلاثاء هو موعد اجتماع أعضاء اللجنة الخماسية "محيسن الجمعان، ونواف التمياط، وفؤاد أنور، وحمزة إدريس، ومحمد شليه" مع رئيس الهيئة تركي آل الشيخ، وسيخرجون مباشرة من الاجتماع المكتبي للعمل الميداني حتى يوم الجمعة القادم، من الرابعة عصرًا، وحتى التاسعة مساء في الفئة العمرية من الثامنة عشرة، وحتى الثامنة والعشرين.
هذه خطوة أولى في كرة القدم، ويفترض أن تليها خطوات أخرى في جميع الألعاب وخصوصًا الفردية منها، فصناعة نجم أسهل بكثير من صناعة فريق.
الهاء الرابعة
ما تجاهلت العوايد وضيعت السلوم
يوم غنت كل نفس على طاروقها
اترفع عـن كثيـر السوالف والعلوم
والناس أعـرف مواجيبها وحقوقها