2012-06-17 | 07:59 مقالات

مات الحكيم الحليم

مشاركة الخبر      

الحمدلله على قضائه، والحمدلله على ماقضى وقدر، ونحمد الله على نعمة الإسلام التي أعطتنا القوة والصبر على هذا الحدث الجلل وهو وفاة الأمير الجليل الوالد نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، فقد كان الحدث الأبرز عالميا يوم أمس في أن يموت رجل بقامة الأمير نايف ويبقى الإنسان كأنه في حلم مابين مصدق ومكذب.. فهل حقا مات الأمير نايف ذلك الرجل الشهم النبيل الذي عمل لقرابة الأربعين عاما معنيا بالأمن وباستقرار هذا الوطن القارة.. حتى أصبح الوطن ضمن منظومة العشرين دولة الأكبر في العالم وخامس دولة الأكثر رغبة في العيش فيها حيث الدين والقيم والأخلاق السامية. واستفاد من منهج والده الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في الحرص على وحدة الوطن واستقراره وأمنه، وظل أمينا جادا عاملا صادقا مع إخوته الملوك رحمهم الله ومع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ومع أخيه الأمير سلطان رحمه الله.. حتى وصلت المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، لذا فإن الحديث عن الرجال أمانة تاريخية كبرى يتهرب من حملها المنصفون حتى لا ينتقص حق من يستحق ويعطى حقه من التقدير والوفاء لمن لا يستحق.. ولذلك فإن الحديث عن سمو الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله يعني الحديث عن رجل دولة من الطراز الأول.. وهو في نفس الوقت يمثل دولة في رجل بكل معطيات تاريخها وإنجازاتها، حيث يتبادر إلى الذهن عندما يذكر اسم نايف أن الحديث هو عن نايف بن عبد العزيز آل سعود، لأنه ارتبط اسمه بفعله في حياة المواطن السعودي والمقيم على ثرى هذه الأرض المباركة أو الوافد إليها.. وكيف لا يكون ذلك والكل عاش بفضل الله ثم بفضل يقظة عين هذا الأمير اليقظ رحمه الله والحريص على أمن عيون تنام بأمن وأمان.. وعيون تتعلم وتعيش وتتاجر وتسافر وهي آمنة على أمنها وأمن أملاكها وممتلكاتها في جو عام شكل مناخا أمنيا منقطع النظير ساد به بعد فضل الله الرخاء والنماء والازدهار للمجتمع السعودي.. هذا عندما يكون الحديث عن نايف بن عبد العزيز المسؤول والأمين على أمن شعب هذا البلد الأمين .. قبلة المسلمين ومنطلق رسالة الإسلام إلى العالمين. أما إذا انتقلنا إلى الجانب الإنساني في شخصية هذا الرجل فإن العبارات تعجز عن سرد ما يتمتع به نايف بن عبد العزيز رحمه الله من صفات وسمات إنسانية رفيعة تقرأ من خلالها عظمة رجل أنجب هذا الرجل وحمل صفاته القيادية التي عرف بها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل مؤسس هذا الكيان العظيم وموحد شتات هذه الأمة التي بجهده بعد الله تحول ضعفها إلى قوة وفرقتها إلى وحدة وجهلها إلى علم ومعرفة، فأصبحوا إخوة متحابين، وما كان لذلك أن يكون لولا توفيق الله وصلاح وإنسانية ذلك الموحد الذي أنجب رجالا عظماء.. نعيش في مقامنا حدث وفاة واحد من أبرزهم في تاريخ هذه الدولة العظيمة، سجل بفعله وخلقه نموذجا مشرفا لإنسان هذه الأرض المباركة وتاريخها العظيم ورجالها الأوفياء، جمع صفات عديدة، حيث تميز برجاحة العقل، ونقاء الضمير، وسداد الحكم، وعمق الرؤية، وإنسانية المشاعر، ونقاء الشعور، صادق في قوله.. لايخاف إلا خالقه، ولا يتصنع ما يخالف خلقه.. يجمع بين العلم والحلم والحزم، ويتحلى بكل صفة منها في كل ما يناسبها بدون تكلف ولا تصنع.. يهابه الظالم ويرى فيه النجدة كل مظلوم.. قائد محنك يسبق فعله قوله.. إذا تحدث يأسرك حديثه ولا يعتريك الملل مهما تحدث.. حكيم في قوله صادق في فعله.. ندعو الله له بالرحمة والمغفرة (إنا لله وإنا إليه راجعون)، ونرفع أحر التعازي إلى الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع، وإلى عضده الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وإلى إخوته جميعا أبناء الموحد الملك عبدالعزيز رحمه الله، وإلى أبنائه البررة الأمراء سعود ومحمد ونواف وفهد، وإلى جميع أفراد الأسرة المالكة والشعب السعودي الكريم والأمتين العربية والإسلامية.