2014-01-12 | 08:01 مقالات

الأخلاق في الملاعب

مشاركة الخبر      

بدأ حضوري للمباريات الرياضية مع إقامة دورة الخليج الثانية في عام 1392هـ في مدينة الرياض، وكانت وسيلة حضور المباريات الحافلات القديمة التي لايزال بعضها يعمل والتي تنقل الركاب من حي البطحاء في مدينة الرياض إلى ملعب الملز (ملعب الأمير فيصل بن فهد رحمه الله بالملز).وكنا صغاراً في السن حريصين على تشجيع فريقنا المفضل، نحمل الأعلام ونهتف ونشجع وإذا كانت المباراة للمنتخب فنحن مع المنتخب قلباً وقالباً، ومع التقدم في السن سنة بعد سنة واقتناء سيارة صار الذهاب للملعب أيسر وأسهل حتى التحقت بالعمل في الصحافة الرياضية مع نهاية التسعينات وأصبح بمقدوري الدخول للملاعب الرياضية من خلال البطاقة الصحفية فانتقلت من مدرجات الدرجة الثانية حيث الصخب والتشنج وقاموس الكلمات الحادة على لاعبي ومشجعي وإداري الفريق الآخر أو على التحكيم إلى قاعات أهدأ وأجمل تكتب عن المباراة وتبحث عن التصريح وتعايش الحدث وقريب من الشخصيات الهامة، وبعد ذلك انقطعت علاقتي بالملاعب إلى قبل عدة سنوات حيث حضرت أربع أو خمس مباريات من أجل الأولاد ويكون الحضور أيضاً في المنصة وفي أجواء هادئة يتخللها تناول القهوة والمرطبات وأكل السندوتشات اللذيذة بين الشوطين وتبادل الأحاديث مع رؤساء الأندية وأعضاء الشرف وأعضاء مجالس الإدارة وكبار مسؤولي وموظفي رعاية الشباب واتحاد كرة القدم فتكون بعيداً عن الجماهير وصخبها وما يتم تبادله في مدرجات الغالبية وهي مدرجات العشرين ريالاً الأنسب للشباب والمعتاد من الناسب .وبطبيعة الحال عند النظر إلى المسؤولية الإعلامية والأخلاقية في الملاعب الرياضية فإنه يجب النظر إلى انعكاسات ذلك على المجتمع بشكل عام، وإن هذا العنف والتعصب إذا حدث في الصحافة الرياضية أو في القنوات التلفزيونية أو في الشارع فإن المسؤولية ليست على رجال الإعلام فقط بل يندرج تحت ذلك تهجمات رؤساء الأندية أو أعضاء الشرف على الحكام والجهات الإدارية المسؤولة كما فعل أحدهم الذي انتهى بإبعاده عن الرياضة مدة خمس سنوات وتغريمه ب 172 ألف ريال، أو تنابز إعلاميين رياضيين بالألقاب والشتم والتفاخر بالأنساب والأحساب والطعن في الآخرين كما حصل في عدد من البرامج التلفزيونية، أو محاولات الاعتداء على إعلاميين رياضيين بشكل غير مقبول مما يدل على أن الحالة وصلت إلى محاولة الاعتداء على النفس ومضايقة الآخرين، أما المشكلة الفعلية فهو المدرج الرياضي نفسه الذي يجمع عشرات الآلاف الذين لاتفرقهم شهادة دراسية أو عمر أو مستوى اجتماعي أو منطقة سكانية أو جنسية وإنما الكل في مستوى واحد وفي مدرج واحد يسمعون نفس الشتائم ونفس الكلمات ونفس القذف للآخرين ونفس التشنج والحماس والعاطفة، ولهذا عندما طلبت من بعض الأقارب من الشباب الذهاب إلى المدرجات الأخرى ودفع مبلغ عشرين ريالاً بدلاً من دفع 300ريال كان الرد بأن تجاربهم السابقة مخيفة حيث اختلاط الحابل بالنابل وسرعة الغضب وقذارة المكان ونوعية الحضور من كافة الجنسيات والأعمار وسماعهم لألفاظ بذيئة وتوتر إضافة إلى التدخين وشكهم أن البعض من الحضور ربما يتعاطون بعض المخدرات وبالذات حبوب الكبتاجون المهيجة للأعصاب والتي تقف خلف الكثير من الجرائم وبالذات المضاربات والاعتداء على الآخرين بالسب والشتم وخلق حالة من التوتر والغضب والانفعال والتهجم على جمهور ولاعبي وإداريي الفريق الخصم، إضافة إلى طاقم التحكيم الذي يناله أكبر قدر ممكن من الشتم عند أي صافرة سواء كان ذلك في احتساب خطأ أو تسلل أو ضربة ركنية أو هدف أوضربة جزاء مما يكون التوتر والغضب طوال دقائق المباراة. ويبقى الفيصل هنا هو الدراسة العلمية الوصفية لواقع هذه المدرجات، بمعنى أن يقوم فريق عمل وعلى مدى ستة أشهر مثلاً بحضور أكثر من مئة مباراة وفي مدرجات مختلفة.. وعلى ضوء هذا الواقع الوصفي والرصد الدقيق لسلوك الجمهور الرياضي يمكن تحديد درجة العنف والتعصب الرياضي في الملاعب الرياضية ومدى تأثر هذا السلوك بما يبث أو ينشر في الإعلام الرياضي، وهذا الأمر يمكن أن يقوم به فريق من معهد الإدارة العامة أو من معهد إعداد القادة أو من جامعة الملك سعود أو جامعة أم القرى، ليتم الوصول إلى النتائج العلمية وفق الأساليب البحثية المقننة والمعروفة أكاديمياً وعلمياً..أما المسؤولية الإعلامية والأخلاقية في الملاعب فينبغي أن تنطلق من تحديد الإعلامي وحجم ممارسته الإعلامية وتحديد المؤسسة التي ينتمي إليها ثم مدى التزامه بإخلاقيات الإعلامي وشرف مهنته وآليات التقاضي عند ارتكابه لخطأ في ممارسته الإعلامية تؤدي إلى التعصب والعنف في الملاعب الرياضية..وللأسف يتألم المتابع للحركة الرياضية عندما يشاهد مستوى الشد والتوتر والغضب والانفعال في تصريحات مسؤولي الأندية بعد المباريات الرياضية مثل ماحدث عقب انتهاء مباريات الهلال والاتحاد والنصر والرائد وغيرهم، وهو أمر يتطلب وقفة كبرى ومراجعة لهذا الوضع المؤسف.