التعليق الرياضي
رحم الله أكرم صالح وموسى بشتوني، فقد كنا يوم الجمعة ونحن صغار نتابع عرض مباريات الدوري الإنجليزي عبر القناة السعودية الأولى وكانت الوحيدة آنذاك، فكان التعليق قمة في العرض والوضوح والشمولية والثقافة الرياضية والاتزان، إلى درجة أن مشاهدة المباراة بدون صوت أحدهما كأننا لم نشاهد هذه المباراة ولم نستمتع بها، وكان للمعلق الرياضي قيمته ووزنه، فهو خبير بنظام كرة القدم وبأنظمة الملاعب والتحكيم والاحتراف ويعطي للمباراة نكهة بتعليقه وثقافته الكبيرة، أما الآن ومع انتشار القنوات الرياضية كثر المعلقون الرياضيون وكثر معهم الزعيق والعويل والبكاء والصراخ والنحيب.
قبل أيام شاهدت مباراة لنادي الاتفاق السعودي مع فريق آخر أعتقد أنه فريق خليجي.. والمباراة معادة في قناة رياضية، كيف صرخ وانتحب وولول المعلق بعد أن سجل صالح بشير هدفا للاتفاق، فقلت الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه. وأحسب أن القائمين على القنوات الرياضية من الحصافة والوعي بألا يدخل هذه المهنة المهمة إلا المتمكن ثقافة وعقلا واتزانا وهدوءا عند الوصف وعند الانفعال وعند الشحن الرياضي، والبحث عن صاحب الصوت الجميل والأداء الجيد والثقافة الكبيرة، الذي يعطي للكلمة قيمتها ووزنها، ويعرف ماذا يقول، ويدرك أن مئات الآلاف من المشاهدين باختلاف أعمارهم وطبقاتهم الفكرية يشاهدونه، وعليه أن يكون بقدر هذه الثقة التي منحت له، وعلى القنوات رفع قيمة المبالغ التي تدفع للمعلق الناضج المميز، فقد أصبح عملة نادرة.. وبالتالي حتى يبقى ويستمر في هذه المهنة لابد أن يشجع ماديا ومعنويا.
إن الكثير من المعلقين كارثة على الرياضة وعلى التعليق الرياضي ومصدر إزعاج للمشاهدين، وبالذات عندما يكون الإخراج جيداً والنقل الفني مميزاً، ولكن صراخ وبلادة المعلق تحتم عليك مشاهدة المباراة على الوضع الصامت.. وآمل من أي جهة لها اعتبارها إيجاد جمعية للمعلقين الرياضيين تشرف وتنظم وتتأكد من جاهزية عقل واتزان وثقافة المعلق، وإذا تعذر ذلك فربما وزارات الإعلام أو اتحادات كرة القدم تتدخل لحماية الذوق العام من بعض المعلقين المزعجين. حفظنا الله وآذاننا من أصواتهم النشاز البكائية القائمة على الصراخ والنحيب والعويل.