2008-11-06 | 18:00 مقالات

حوار الأديان

مشاركة الخبر      

رحب المفكر الفرنسي شارل سانابر مدير (مركز الدراسات الجيوسياسية في باريس) بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الحوار بين الأديان. وأشاد بهذه الدعوة كونها تأتي في وقت تتعرض فيه البشرية لأزمة أخلت بموازين العقل والأخلاق والإنسانية، حيث اعتبر الملك محركاً أساسياً في حوار الحضارات، مضيفاً أن فكرة الحوار بين الحضارات هي حوار بين الأديان، موضحاً أن الإسلام بخلاف المسيحية ليس له باب أو ممثل أساسي، ولهذا لابد أن تتخذ شخصيات كبرى مثل الملك السعودي مبادرات وتظهر الطريق أمام الأمة الإسلامية. وذكر أن زيارة الفاتيكان بداية لمثل هذه الفكرة التاريخية، وفعلا دعوة خادم الحرمين الشريفين كما قال المفكر الفرنسي هي منعطف تاريخي في تاريخ البشرية، وبالذات في وقتنا الحالي الذي لا يمكن تجاهل دور الفهم السيئ للأديان واعتناق التوجهات المتطرفة كأساس في العلاقات بين الأديان، فالحروب في أوروبا ظلت لسنوات طويلة قائمة على المعتقدات الدينية بين المسيحيين أنفسهم، ولا زالت آثارها وتوتراتها قائمة في أيرلندا وإنجلترا، كما أن ما يفعله الصهاينة في فلسطين ناتج من فكر صهيوني متطرف واستيعاب خاطئ للتعاليم اليهودية، والعديد من التغطيات الإعلامية لمغادرة الجنود الأمريكان للعراق تظهر التعلق بالصلوات الإنجيلية ووجود الإنجيل مع كل جندي على أساس أنه ذاهب لحرب دينية، وهذه أمور لا يمكن تجاهلها، وهي تعود بالدرجة الأولى إلى سيطرة المتشددين على القرار، ولهذا يأتي الحوار لمواجهة هذه المشكلات بالتفاهم والحكمة والاتفاق على القضايا المشتركة وأهمها التسامح والإخاء والمحبة والسلام، وتطوير التربية والتعليم والطب والتقنية، وما يخص البحث العلمي في مجالات القضاء والأدوية والنمو العمراني والاقتصادي والبشري، كذلك الحرب ضد المجاعة والفقر والبطالة والجهل والجريمة والمخدرات والإرهاب والانفجار السكاني وقضايا البيئة والمناخ والتلوث، إضافة إلى ما تعلق بالفرد ذاته من أمور اجتماعية كتكوين الأسرة والعلاقات الإنسانية ومشاكل الشباب والفراغ والتعاون في المنافسات الرياضية والشبابية بما فيها من ترويح ومتعة، وكذلك التبادل الثقافي والفكري والأدبي والوصول إلى توصيات وقرارات تؤدي إلى لجم التطرف ومحاصرة الأفكار المتشنجة.
أطال الله في عمر خادم الحرمين الشريفين على نظرته البعيدة والعميقة لما فيه صالح البشرية جمعاء، وأول وأهم هذه الأمور هو الإسلام دين البشرية الخالد (إن الدين عند الله الإسلام)، وبالتالي ليس الموضوع هو المناقشة في العقائد وإنما إيصال مبادئ الإسلام الحنيف القائم على السلام والتكافل والتعاون، وفي موروثنا الإسلامي الكثير من القصص الخالدة لرسول الله صلوات الله عليه وسلامه والصحابة الكرام، في كيفية المعاملة بالحسنى لأصحاب الديانات الأخرى، كما أن دعوة خادم الحرمين الشريفين تأتي في ظل وصول الإسلام عبر الفضائيات والنشر الآلي والإنترنت إلى كل مكان، وتزايد التعريف به واعتناق الناس له كدين مقنع لمن أراد الحق وبحث عن الحقيقة.