2008-09-09 | 06:00 مقالات

التعلم بالمحاولة والخطأ

مشاركة الخبر      

توارث الأخطاء وشيوعها بين الناس يؤخر النمو السريع والتطور للأفضل، ذلك أن كل جيل يحاول تقليد من قبله وتسعى الأجيال السابقة إلى ترسيخ كل المفاهيم التي اقتنعوا بها خلال تجربتهم في الحياة.. فالمعلم يتقمص دور من سبقوه في التعليم فيمارس نفس الأخطاء التي يرتكبونها دون أن يحاول ذلك المعلم الجديد أن يفرض أسلوباً آخر في طريقة التعليم والتدريس ويصر المعلمون من الأجيال السابقة على فرض نفس الأسلوب حتى لو كان خاطئاً وقد يكون ذلك الأسلوب قد نجح في فترة زمنية معينة لا تتناسب مع اختلاف مصادر التعلم وسهولتها في تغيير نمط التفكير والثقافة والقدرة والجرأة، فالطالب الذي كان يهرب من المعلم احتراماً له بالأمس أصبح المعلم هو من يهرب من مواجهة الطالب، وفي عالم التدريب الكروي هناك أخطاء شائعة تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل تماماً كما يحدث في إعداد الحكام، فالمدرب حصل على دورات كثيرة تعلم منها أشياء كثيرة لكن الأهم أنه لم يحاول أن يطور ما تعلمه حتى لو كان ما تعلمه يمثل قناعة تامة عند الجميع.
فالمدربون في جميع أنحاء العالم يرون أن المهاجم الذي يضيع أكثر من فرصة لا بد من إخراجه من الملعب لأنه لن يستطيع التسجيل، وهذه من الأمور المتعارف عليها عند المدربين لكنها في حقيقة الأمر ليست صحيحة لأن التعلم يأتي من خلال المحاولة والخطأ والعلماء الذين اكتشفوا الاختراعات في جميع المحاولات لم يكونوا ليتوصلوا إلى اختراعاتهم ما لم يتم تجربة عدد من المحاولات الخاطئة حتى نصل إلى الصحيحة فمثلاً (آديسون) قام بتجربة أكثر من مئتين وستين محاولة خاطئة وبعدها استطاع أن يكتشف الكهرباء التي أضاءت لنا الطريق، ويا ليتها تضيء لنا العقول، وجميع النظريات العلمية التي تخضع للتجارب لم تتم إلا من خلال تجارب خاطئة.
مدربنا القدير ناصر الجوهر لم يؤمن أبداً بقاعدة (المحاولة والخطأ) وطبق ما تعلمه من أساتذته وخبراء التدريب فأخرج (فيصل السلطان) وأشرك (ياسر القحطاني)، فالأول كان رائعاً وقدم مستوى رفيعاً مكنه من اختراق دفاعات إيران لكنه لم يتمكن من التسجيل على الرغم من أن طريقة لعبه للفرصة كانت صحيحة، لكنه لم يوفق في هز الشباك، وقد يكون لعامل الحظ دور في ذلك، فالسلطان عمل كل ما يملك للتسجيل لكن كانت هناك مسافات قصيرة جداً تحول دون ذلك، وعندما تكرر إهدار الفرص قام الجوهر بإخراجه، وشخصياً أرى أنه من الخطأ إخراج لاعب قادر على صناعة الفرصة، وتعدد مرات إضاعة الهدف يعطي اللاعب التركيز الأكبر فيتمكن من التسجيل بعد موجة من الفرص المهدرة وهنا ستتحقق نظرية (التعلم بالمحاولة والخطأ)، وقد كان لخروج السلطان التأثير المباشر في تغيير أداء الفريقين، فقد استراح الإيرانيون واندفعوا للهجوم، بينما لم يقدم (عمر الغامدي) ما طلب منه واستمر "سعد الحارثي" بمستوى متواضع فانشل الأداء ومال إلى العشوائية بعد انخفاض معدل لياقة (عبد الغني) وخروج (الشلهوب) وعدم قدرة (ياسر) على الانسجام.
الأخضر لم يكن يستحق الخسارة عطفاً على المستوى الرفيع الذي قدمه من بداية المباراة لكن أخطاء بسيطة قلبت الموازين وحرمتنا من الثلاث نقاط بمباركة من حكم المباراة الذي لم يحتسب ضربة جزاء صحيحة كانت ستغير الكثير من الحسابات وستعطي الأمان للاعبين ليعطوا بكل راحة وثقة، فقد كان التقدم بهدف مقلقاً للجميع ومسبباً ضغطاً نفسياً على اللاعبين الذين أتمنى أن يرجعوا بالثلاث نقاط من فم الإماراتيين.