الأخلاقيات المتوازنة
الأسبوع الماضي يمكن أن يطلق عليه أسبوع الديربي بعد أن جمعت المواجهات الساخنة قطبي جدة الاتحاد والأهلي، والرياض الهلال والنصر وإن كانت المواجهة الأخيرة لم ترتق للمستوى المأمول والمنتظر في لقاء يشهد أكبر حضور جماهيري على مستوى الملاعب السعودية ويتابعه الملايين في الداخل والخارج وقد يكون للحالة العصبية دور كبير في ظهوره بهذا المستوى أيضا للأسلوب الواحد الذي اعتمده مدربا الفريقين مما جعل اللعب ينحصر كثيراً في منطقة الوسط بعيداً عن مناطق التهديف والتسجيل وشخصيا كنت أتوقع فوز النصر قبل المباراة لاعتبارات نفسية أكثر منها فنية واعتقدت أن النصر الأكثر جاهزية نفسياً من الهلال لكن ما حدث صار العكس وهذه الأمور لا يمكن لأحد معرفتها إلا من خلال القرب من المعسكرين ومعرفة خفايا الأمور لأن الحالات النفسية لا يستطيع أي شخص أن يعرف أسرارها وأبعادها ولهذا تجتهد إدارات الأندية في عملية الإعداد النفسي الارتجالي مما قد يعطي نتائج عكسية.. خاصة حينما نتعامل مع اللاعب على أنه آلة لا تتحرك إلا من خلال ضخ الأموال فيها وبالتالي يمكن أن تتحول الحوافز المعنوية إلى سلبية عكسية ما لم توضع في التوقيت المناسب وبالطرق الشرعية السليمة ومن الأخطاء التي تمارس في إعداد اللاعبين المطالبات بالفوز وإشعار اللاعب بأن الخسارة عبارة عن كارثة سوف تحل بالنادي وقد تساهم الجماهير أيضا في وجود قلق لدى اللاعبين يتحول إلى خوف وارتباك وعدم قدرة على استخراج المخزونات الداخلية من المهارة والإبداع فيصبح أشبه بالدمية التي تتحرك دون روح أو عطاء أو مجهود يمكن الاستفادة منه فتشاهد الجماهير نجومها وهم يؤدون مستويات ضعيفة وغريبة وهل يمكن أن يوجد لاعب لديه القدرة على العطاء والتسجيل وخدمة فريقه ونفسه ثم يتقاعس عن ذلك؟ وإذا وجدت مثل هذه النوعية فهم نشاز وقليلون وتحت ظروف معينة وليست مقياساً ولا يمكن أن يتم التعامل مع الخاسر بهذه القسوة التي مارستها الجماهير النصراوية وهم فقط يمارسون الإسقاط على اللاعبين والإدارة وهذه الأساليب تزيد المشكلة تعقيداً ولا تحلها.
ـ في المواجهات الديربية التي جمعت الهلال بالنصر والاتحاد والأهلي خرجت المواجهتان بروح رياضية عالية وتصريحات متميزة قبل وبعد المباراة بدأها عضو شرف الاتحاد الفعال منصور البلوي وبعدها برئيس الأهلي ثم شاهدنا تصريحات نصراوية هادئة وهذا ما سبق أن طرحته في الأسبوع الماضي عن أهمية وجود القدوة والمرجعية في الأندية فإذا كان رئيس النادي مثلا سوف يهاجم التحكيم لمجرد خسارة فريقه فماذا يمكن أن يفعل اللاعبون والإداريون والجماهير وقد تكون التصريحات التي تعقب المباريات هي السبب الرئيسي في وجود الانفعال الزائد وغير المنضبط ولو اتفق رؤساء الأندية على عدم التطرق للتحكيم وتجريب هذه الطريقة لتحققت أهداف كثيرة.
ـ المجتمع الرياضي يرغب دائماً بوجود أخلاقيات في اللعب ولهذا غضب على محمد نور وعلى سعد الحارثي لكن قضية (منح الخصم الكرة) لابد من مراجعتها، فإذا كنا نطالب باستبعاد الكرة عند إصابة اللاعب فإننا في نفس الوقت نطالب اللاعب بعدم ادعاء الإصابة وإضاعة الوقت في حالة تحقيق الفوز حتى تكون الأخلاق متوازنة.