المحاسبة والاتزان
الآن نحن نعيش تغيراً في كثير من الأنماط الاجتماعية والسلوكية وهذه التغييرات لم تعد بطيئة كما كانت في السابق.. بل هي تغييرات سريعة جداً والسبب في ذلك وجود المتغيرات التكنولوجية في العالم والتي أثرت كثيراً في الشعوب وغيرت من أخلاقياتها وحينما ننظر للمجتمع الرياضي لدينا كمثال نجد أنه في السنوات الأخيرة تغير كثيراً وظهرت سلوكيات غريبة ودخيلة على المجتمع السعودي نتيجة الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا فالأشخاص الذين يتسمرون خلف شاشات الكمبيوتر يمارسون التفكير بصوت عال فيكتبون آراء وأفكارا قد يكون للهوى والميول الدور الكبير فيما يطرحون.. وهذه الآراء تسببت في افتقاد الثقة لدى الآخرين فأصبح الجميع ممن يتعرضون للانتقادات الحادة والسلبية التي لا تنبني على أدلة وبراهين غير واثقين بمن حولهم فزاد التوتر والاحتقان والتصادم وتم تفعيل الأنانية وحب الذات وأصبح كل شخص لديه رغبات وطموحات للوصول لأهداف لم تكن متاحة في السابق.
ـ بالأمس كان كل شخص لديه القدرات هو من يتقدم للعمل وتقلد المناصب ومن ليس لديه هذه المواهب يقف احتراماً وتقديراً لأصحابها.. وكانت الشهرة لا يمكن أن تتحقق إلا لمن يستحقها ولديه الاستعداد لذلك.. أما اليوم فقد تنوعت الطرق للوصول للشهرة وأصبح الأشخاص الذين لا يملكون أي مقومات النجاح في العمل وعديمي الموهبة هم القادرون على تحقيق أهدافهم.
ـ إتاحة المجال عبر شبكة الإنترنت لجميع العقول والتستر تحت أسماء مستعارة فتح المجال على مصراعيه لوجود آراء غير ناضجة وليست سوية بل هي إسقاطات مهنية وممارسة الحقد الشخصي والتجريح ونشر ثقافة الشلليات والتكتلات.. لأن هناك من يحاول الدفاع عن أشخاص حتى لو كان مقتنعاً بالخطأ الذي يرتكبونه وعلى العكس تجده يهاجم آخرين رغم إدراكه أنهم يحملون الحقيقة وحينما تبحث عن الأسباب تجدها بسبب علاقات شخصية.
ـ الكتابة عبر الإنترنت فتحت الساحة على مصراعيها لكل من هب ودب لكي يبدي رأيه وتتلقفه بعض العقول الضعيفة فتتأثر به، ولذلك صار كل شخص له رأي مستقل ومواقف ويريد أن يضع لنفسه مكانة سواء داخل ناديه المفضل أو حتى في أي موقع آخر والمكان الحقيقي لهذا الشخص هو مقاعد المدرجات فقط لأن الطرح والرأي لا يؤخذ من أي شخص بل يجب أن يكون أصحاب الآراء ممن يحملون عقليات منيرة وناضجة يمكن أن تفيد المتلقين بدلا من نشر أطروحات تزيد حدة التوتر وتقوي جذور التعصب ولا تفيد المجتمع في أي شيء.. والأسبوع الماضي ظهرت الكثير من الآراء الغريبة والمتعجلة والتي لم يحسن أصحابها التعامل مع الأحداث بالطريقة الصحيحة وغلبت العواطف المندفعة والأهواء والتعصب على الكثير من الآراء، وبدلا من تأثير القيادات في الأندية على الجماهير أصبح الوضع معكوسا لأن بعض الجماهير في الأندية هي من يديرها من خلال وصول بعض الآراء السلبية إلى الإدارة والتأثر بها ولهذا شاهدنا بعض المسؤولين في الأندية يتفرجون تماما مثل الجماهير في المدرجات بدلا أن يكون هؤلاء قدوة ومرجعية لجماهيرهم وأبناء النادي.
ـ ولعل استدعاء نائب المشرف في نادي النصر عبد العزيز الدغيثر لمناقشته عن آرائه خطوة رائعة يشكر عليها الأمير نواف بن فيصل.
إنني أتمنى أن تشكل لجنة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب لمتابعة كل شخص يقوم بالخروج عن النص باستخدام الإعلام كوسيلة من وسائل الإساءة للآخرين والاعتداء عليهم وعندها سنجد آراء متزنة ومتعقلة تعتمد على المعلومات والحقائق وليس على التزييف والخداع.