2008-11-11 | 18:00 مقالات

المحاسبة والعلاج

مشاركة الخبر      

جزء كبير من العلاج لدينا يأتي من خلال المحاسبة والانتقام من المخطئ وهذا نتيجة أننا نمارس الإسقاط كردة فعل للسلوك الخاطئ بدلا من التعامل مع الخطأ من أجل علاج صاحبه فتأتي العقوبة أحيانا أكبر من الذنب، ولا نكتفي فقط بمحاسبته لمرة واحدة بل إننا نستمر نعاقبه حتى لو كان الخطأ الذي ارتكبه له عشرات السنين رغم أن الإنسان من الممكن أن يتغير في يوم وليلة بل في ساعات قليلة وممارسة المحاسبة بهذه الطريقة دليل أكيد على أن الغاية ليست العلاج والإصلاح للشخص بقدر ما هي رغبة في التشفي والتشهير وممارسة الحقد والإقصاء بحق ذلك الشخص المخطئ وكل يغني على ليلاه، فهؤلاء يحجبون أخطاء من يريدون ويبررونها وأحيانا يغلفونها بطريقة تجعل من ذلك الخطأ ميزة يشيدون بأصحابها وحينما يحصل الخطأ نفسه من الآخرين يفتحون نار السب والشتم بحقهم وهناك للأسف الشديد من يصدق هؤلاء بأكاذيبهم وافتراءاتهم.
ولدينا في المجتمع الرياضي نموذجان.. شغلا الوسط الرياضي كثيرا وهما رئيس نادي الاتحاد سابقا منصور البلوي ونجم الكرة السعودية والاتحاد محمد نور، هذا الثنائي تعرض للسب والتجريح والإشاعات التي لا تراها على أرض الواقع ولنفترض أن هذا الثنائي صدرت منه أخطاء في الماضي فهل نستمر نعاقبهما وكأننا لم نجد من الآخرين أي أخطاء، البلوي مثلا أحد المكاسب الرياضية التي جعلت من ناديه الاتحاد طرفا ثابتا في المنافسات والبطولات ودعم بالملايين وأعطى اللاعب السعودي قيمة أكبر من خلال العروض التي كان يقدمها وعندما يخرج في الإعلام يتحدث بلباقة وأدب واحترام للحكام وللخصوم ورغم ما حظي به من مكانة وشهرة إلا أنه يحمل شخصية متواضعة ومتسامحة لم يفكر في يوم أن ينتقم من أحد أو يتحدى من يخالفه أو ينتقده بل خرج يجيب عن تساؤلات حول رأيه في المنتقدين لشخصه فأجاب بابتسامة جميلة وخفة في الروح وتعاط متميز مع اختلاف وجهات النظر مبديا احترامه لكل الآراء الصادقة التي تنتقده ولم يلتفت أو يتأثر بهذه الحملات، بل إن البلوي ضرب مثالا رائعا لعضو الشرف الداعم والمفيد لناديه فرغم ابتعاده الرسمي عن رئاسة النادي إلا أنه يقف بكل قوة وإخلاص ويساهم مع الإدارة الرسمية في تجهيز الفريق لكي يصبح واحدا من أفضل الفرق العربية ومنافسا ثابتا على البطولات المحلية والخارجية بعد أن صرف الملايين لخدمة عشقه الاتحاد، ورغم ذلك هناك من يحاول تشويه سمعته بنشر الإشاعات الكاذبة وهناك من السذج من يستقبل هذه الإشاعات ويصدقها ويتجاهل الحقيقة الواضحة للعيان، ولنفترض وجود أخطاء وزلات فهل البلوي شخص مختلف عن الآخرين ومعصوم من الخطأ؟ وأيهما أكثر إيجابيات هذا الرجل أم سلبياته؟
هناك أشخاص دخلوا للأندية من أجل أن يستفيدوا منها، واستفادوا هم وتضررت أنديتهم والرياضة السعودية بشكل عام، ومع ذلك تفرد لهم صفحات المدح وتكتب فيهم القصائد لأن من يعمل هذه الممارسات هم أشخاص لا يؤمنون بحلاوة المنافسة الشريفة التي تقوم على الارتقاء والتطوير الذاتي وليس على إضعاف الخصوم والتقليل منهم.. وما يقال عن البلوي يقال عن النجم محمد نور الذي أخطأ قبل سنوات وما زال المجتمع الرياضي يعاقبه بعد أن أصبح الآن مضربا للمثل في الالتزام والانضباط والأخلاق.