ماذا يريد بسيرو؟
هناك فارق كبير بين الإنسان الذي ينتقد الآخر وهو يحمل في قلبه الحب والرغبة في الإصلاح وبين التشفي والبحث عن العيوب والأخطاء، وقد اعتبر ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ النقد الهادف هدية قيمة، ودعا للذين ينتقدونه بالقول "رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي"، هذا هو منهج القائد المحنك والواثق من نفسه الباحث عن الإصلاح والتطوير والتغيير للأفضل، أما العاجزون والذين يعجون بالسلبيات والأخطاء فهم أكثر الناس حساسية وخوفاً ووحشية من النقد، بل يصبون جام غضبهم على من ينتقدهم وكأنه عدو جاء ينتقم منهم وقد تحول النقد في بعض المرات عن مساره الصحيح، فهناك من يطبل بالعبارات الإنشائية التي لا تعتمد على دليل لمن يحبون أو يرغبون أو لديهم مصالح معهم يتقربون منهم وإليهم وفي الطرف الآخر تجد الانتقادات اللاذعة والسب والتجريح والعبارات الإنشائية أيضا لمن ليس لديهم أي مصالح معهم وأصبح المتلقي ينظر لمن ينتقدونه أنهم أعداء وخصوم يجب أن يتصدي لهم ويقاومهم.
ـ لقد فقدنا في الوسط الرياضي جزءا كبيرا من الحقيقة بسبب الميول والأهواء والرغبات ولم يعد القارئ يثق في أي كاتب أو ناقد يطرح موضوعاً.. بل هو يبحث عن ميوله وأهدافه الشخصية وماذا يريد من طرح مثل هذه الموضوعات.. والأدهى والأمر أن يحاول الناقد أن يحقق رؤاه السلبية في الآخرين حتى تكون وجهة نظره هي الصائبة حتى تحول بعض الناس من محبين لأنديتهم وداعمين لها إلى معاول هدم وتشفي انتظارا للسقوط حتى يصبح ما قالوه هو الصحيح.. بل إن بعض الكتاب المعروفين بميولهم لأنديتهم حينما قاموا بانتقاد أنديتهم تمنوا سقوط هذه الأندية حتى تتحقق وجهة نظرهم وهم بذلك يحطمون الغاية بسبب الوسيلة.
منتخبنا السعودي يمر الآن بمرحلة انتقالية بعد أن استقال المدرب الوطني ناصر الجوهر وهو قرار جريء لابد من اتخاذه من أجل التغيير وتنشيط الدماء وزيادة اللقاح وإبعاد المنتخب من الضغط النفسي الذي واجهه بإحلال مدرب جديد يعيد التوازن والثقة لدى الإعلام الرياضي والشارع السعودي وقد أعجبني تصريح المدرب البرتغالي "خوسيه بسيرو" الذي أبدى رغبته في الاستفادة من خبرات المدرب السابق "ناصر الجوهر" الذي للأمانة قدم منتخباً رائعاً ومتميزاً لكنه افتقد لبعض العوامل النفسية والدعم اللوجستي ولم تأت الظروف كما ينبغي.. لكن أعتقد أن المدرب "بسيرو" سيضفي شكلا آخر للمنتخب إذا صدق في تصريحه للاستفادة من الجوهر خاصة أن الفترة قصيرة ولا تحتمل تغييرات جذرية بل المطلوب هو وضع بعض اللمسات والدعم المعنوي المناسب حتى يتمكن أفراد المنتخب من تقديم الصورة الحقيقية للمنتخب السعودي الذي لم يقدم المستوى المطلوب والمعروف عنه.. فالأداء الذي قدمه الأخضر في المباراة الأخيرة لا يمثل نجومية أفراده وإبداعهم وهذا ما يجعلنا نتأمل أن يكون التغيير للأفضل.