"حبحب على السكين"
في عرف الثقافة الكروية السعودية، هناك أمر محيّر جدًّا يتعلق بالتعاقد مع اللاعبين الأجانب، ومعهم المدربون أيضًا، وإن كانوا أقل وطأة لسهولة الاستبدال والتغيير وفق مفهوم الحذف والإضافة، المنتشر للأسف بشكل غريب، ساهم في كمية هدر مالي وعدم استقرار فني..
فيما يخص اللاعبين، لدي حالة تمثلت في تعاقد النصر مع البرازيلي "هيرناني"، صاحب التاريخ الناصع والأرقام المهولة والسمعة العالية والمبلغ الضخم؛ نتيجة تهافت الأندية عليه رغبة في استقطابه، تزامن ذلك مع تعاقد الأهلي مع السوري عمر السومة اللاعب المغمور، قادمًا من الدوري الكويتي بمبلغ زهيد، بعد أن تم رفضه من أكثر من ناد من ضمنها "الاتفاق".
التعاقد مع هيرناني صاحبه ضجة عالية نظرًا لأهمية اللاعب واحتفالية عالية، في حين أن السومة قوبل بسخط كبير.
لكن ما حدث هو العكس تمامًا، فقد فشل الفتى الأسمر فشلاً ذريعًا وغادر دون أن يضع له بصمة تستحق الإشادة أو الإشارة إليها، في حين نجح "العقيد" بشكل غير مسبوق، بل غير متوقع؛ فحقق أرقامًا قياسية من الصعب على مهاجم آخر كسرها..
الغريب في تعاطي ساحتنا مع الحالتين، أنهم اعتبروا أن نجاح السومة مرتبط بفهم صناع قرار الراقي والعكس عند صانع القرار الأصفر، ولو كان هذا الأمر صحيحًا لنجحت كل تعاقدات الأهلي وفشلت كل تعاقدات النصر، والأمر ينطبق على كل الأندية دون استثناء محليها وأجنبيها..
حاليًا الأندية تبحث في رحلة محمومة عن لاعبين أجانب، وسيبدأ الموسم وستبدأ عملية الفرز بين النجاح والفشل، وستلعب ظروف عديدة بعضها يستطيع النادي توفيرها أو التحكم بها، والأخرى لا يمكن السيطرة عليها، خاصة المتعلقة بنفسية اللاعب وقدرته على التكيّف مع الأجواء الاجتماعية والمناخية الجديدة؛ فالناس "أجناس"، منهم من يستطيع التأقلم بسرعة فائقة، وآخرون منعزلون أو انطوائيون.. بل إن هناك ظروفًا أخرى كواقع الفريق أو قناعات الأجهزة الفنية؛ فالأرجواياني ماتوساس أحضر ابن جلدته "ميليسي"، لكنه ركنه في الاحتياط ولم يشركه إلا فيما ندر، حتى وصف باللاعب المقلب، وكان على وشك الاستغناء عنه قبل أن تتدخل الظروف ويتم استبدال المدرب بالأرجنتيني "دياز"، الذي أعاد صياغة اللاعب فبات رقمًا صعبًا في خارطة "الزعيم الملكي".
في شواهد عالمية وبعضها محلية لكنها نادرة.. هناك لاعبون يتأقلمون في موسمهم الثاني بعد أن يعيش الأجواء ويتخلص من العزلة النفسية والشرود الذهني، لكن ساحتنا لا يمكن أن تعطي لهؤلاء الفرصة، فهي تضع اللاعب الجديد تحت المجهر وتحاسبه على كل صغيرة وكبيرة، حتى أصبح نجاح أي لاعب أو مدرب ليس مرتبطًا بقدراته، بل بالظروف المحيطة وسماته الشخصية.
الهاء الرابعة
فصّل علاقتــك ويّا الناس مثل الثيــاب
.. قسها وخلّك دقيــقٍ في مقاساتهــا
الكاس ينضح بما في داخلـه من شـراب
.. ومن هرجة الناس تعرف وش بكاساتهــا