النصر الأقوى
و.. النصر الأحبّ!
لم يسبق لي أن شاهدت النصر بهذه القوّة!. قال صاحبي: حتى أيام ماجد؟!. ارتبكتُ قليلًا، ثم قلت: نعم، حتى أيام ماجد!. ولم أهضم الجملة بمذاق طيّب!.
ـ شعرت بخيانةٍ ما لزمنٍ مضى، بإهانةٍ ما لنشوة يصعب تكرارها، مثلما يصعب وصف نهمها!.
ـ وتمنيت أن أكون قد تسرّعت، وأن أتراجع، ولا أدري لماذا كنت حزينًا على شبه يقيني من أنّ هذا هو فعلًا أقوى “نصر” شاهدته في حياتي؟!.
ـ لا أدري إلى أي مكانٍ يمكن أنْ تأخذني الكلمات، كنتُ مثل من وقع في ورطةٍ مع أحاسيسه!.
ـ ما أكتبه لكم الآن على “لعبكته” يمثّل الخلاصة! الكلمات وقتها طاشتْ في أكثر من اتجاه بحثًا عن مأوى: لا أحد يقدر على تفضيل حاضره دون شعوره بارتكاب جريمة خذلان ما لماضيه، خاصةً إذا ما كان ذلك الماضي جميلًا فعلًا وكريمًا بحق!.
ـ لم أكن أريد تبرير رأيي. كنت وما زلت حتى كتابة هذه السطور أثق بصحّته: هذا هو النصر الأكثر قوّة!. كنتُ أريد فهم وتبرير مشاعري لنفسي: لماذا أنا أقل سعادة مما يجب للأمر أن يكون عليه؟! وما الذي هزّني حقًّا عندما دخل ماجد الحسبة وساحة التفضيل؟!.
ـ لن أُجَدْوِل!. لن أقول أولًا، وثانيًا!. غير أنّ أمرين يمكنهما تفسير ذلك الإحساس الغريب الذي أثقل رأيي وحرمه كثيرًا من خفّة البهجة!.
ـ صادف أن يكون زمن ماجد والهريفي زمن الشباب الأول، زمن الطيش والفتوّة والإحساس بالقدرة على امتلاك الدنيا وتغييرها!. ولم يكن لدينا من المباهج الكثير!.
ـ لهذا الزمن حلاوته التي لا يمكن لزمن آخر استرجاعها أو تعويضها أو الإتيان بما هو أكثر شغفًا وأشدّ فتنة!. حتى مرارات زمن الشباب الأوّل تبدو اليوم حلوة ومسلّية!.
ـ من ناحية أخرى: كان لاعب كرة القدم جزءًا من أصل ناديه!.
ـ لا يمكن فصل لاعب تقريبًا عن ناديه وبالتالي عن جمهور ناديه!. لم تكن هناك عقود احتراف يمكن لها الانحراف بمستقبل اللاعب عن أي جزئية من مشاعر الجمهور تجاهه!.
ـ وعلى هذا الأساس كان يمكن للمشاعر أن تنمو، دون أن يقلق صاحبها من أي يوم لاحق!.
ـ كان الثنيان هلاليًا، وإلى الأبد، هو جزء أصيل من ناديه، ليس مضافًا إليه ولا مُرفَقًا به!. وكذلك كان صالح النعيمة، وفي المقابل كان ماجد عبدالله ويوسف خميس وفهد الهريفي جزءًا أصيلًا من نسيج النصر!.
ـ كان النصراوي يُعجب بالثنيان ويحبه لكنه أبدًا لا يفكّر بوجوده في النصر، كان علينا تحمّل عواقب مراوغاته بأي شكل: مسألة قَدَريّة!.
ـ وكانت جماهير كل الأندية تحلم بماجد، حلمًا تعرف أنه بعيدًا ومستحيلًا، ولم يكن لمثل هذه الأحلام أن تتحول إلى كوابيس في منامات جماهير النصر: وعلى الخصوم تحمّل عواقب السحابة رقم 9 بشباك رحبة!.
ـ زمن تقلّب عقود الاحتراف من يد ليد ومن مكتب لمكتب لم تكن موجودة!. ولذلك كانت فرحة الجمهور بلاعبه مختلفة حقًا، أو على الأقل فإنها مضاعفة بما لا يتيح مجالًا للمقارنة مع فرحة جمهور أي نادٍ بلاعبه اليوم!.
ـ كانت الأمور أقرب إلى الحمض النووي من العقد الاستثماري بكثير، كثير جدًّا!.
ـ كانت القوّة مرتبطة بأمان استمراريتها لمواسم عديدة!. على عكس قوّة اليوم التي تبدو زئبقيّة!.
ـ نصر اليوم قويّ ومدجّج بالنجوم، غير أنه ما مِن أحد يضمن بقاءهم موسمًا آخر!. يمكن وبسهولة تخيّل حمدالله يسجّل في مرمى النصر بعد موسم أو موسمين!. وكذلك الأمر بالنسبة لجوميز والسومة وغيرهم من اللاعبين أجانب ومحلّيين!.
ـ الآن، يمكن لمشاعري أن تعيد ترتيبي: نصر أمرابط وحمدالله أقوى، لكن نصر الهريفي وماجد أحبّ!.