الحارس العماني يكشف أسرار الرحيل وخطوته المقبلة الحبسي:
الزعيم يصارع كل الجبهات
اكتسب علي الحبسي، الحارس العماني، سمعة عالمية واسعة من خلال تألقه في الملاعب الأوروبية على مدار 14 عامًا، تردَّدت أصداؤها في المنطقة العربية، لا سيما الخليج الذي خرج منه.
وفي صيف 2017، فتح الهلاليون باب التفاوض مع الحارس العملاق، الذي كان يلعب حينها ضمن صفوف ريدنج الإنجليزي، وفي الـ 12 من يوليو، جاء إعلان التعاقد الرسمي مع العماني الذي استبشرت الجماهير الزرقاء خيرًا بقدرته على إنهاء تذبذب مستوى حراسة الفريق منذ اعتزال الأسطورة محمد الدعيع.
لكنَّ الشهر التالي حمل نبأ مفاجئًا عندما أبعد الأرجنتيني رامون دياز، مدرب الهلال حينها، الحبسي من القائمة الآسيوية، بينما محليًّا تناوب الحراسة مع عبد الله المعيوف، زميله، ونجح الفريق بمجهوداتهما في الحفاظ على لقب الدوري.
ومع مجيء خورخي خيسوس، المدرب البرتغالي، في الموسم التالي، بسط الحبسي سيطرته على حراسة مرمى الهلال، واستمر الوضع دون أي بوادر تغيير إلى أن حدث التحول بعد خسارة ديربي الرياض في الدور الثاني، إذ تم إقصاؤه من التشكيل تمامًا.
التصق الحبسي بمقاعد البدلاء منذ نهاية مارس حتى ظهر للمرة الأخيرة في نصف نهائي كأس الملك أمام التعاون، ولسوء حظه، قدَّم الهلال أسوأ مبارياته، وتلقَّت شباكه خمسة أهداف، وحمَّله بعضهم جزءًا من مسؤوليتها.
ومع تحضيرات الهلال للموسم الجديد، قيَّمت إدارة النادي مع الروماني رازفان لوسيسكو، المدرب الجديد، موقف الحبسي، وفضَّلوا إنهاء التعاقد معه بغية الاستفادة من العنصر الأجنبي في مراكز أخرى بعيدًا عن الحراسة، لا سيما بعد تقليص حصة الأجانب إلى سبعة محترفين.
وقبل مغادرة السعودية، كان لـ “الرياضية” وقفة مطوَّلة مع الحبسي، حكى خلالها عن تجربته مع الهلال، وأسباب رحيله، كاشفًا الكثير من أسرار وخبايا الموسمين اللذين قضاهما داخل البيت الأزرق.
01
بدايةً، نرحب بك عبر صفحات "الرياضية"، ونشكرك على اختصاصنا بحديث الوداع.. صِف لنا تجربتك في الدوري السعودي عمومًا والهلال بشكل خاص؟
الشكر لكم على منحي هذه الفرصة. حقيقةً، سُعدت للغاية بهذين الموسمين اللذين قضيت فيهما لحظات رائعة بين أهلي في السعودية، ونادي الهلال بيتي، وأراها من أجمل التجارب على المستوى الكروي بعدما حققت بطولتين مهمتين، الدوري والسوبر، وكذلك على المستوى النفسي، لأنني شعرت وكأنني في عُمان، ومن هنا أود توجيه الشكر إلى جميع الإدارات التي عملت تحت مظلتها في النادي، وكذلك زملائي اللاعبين، وكل المنتسبين والجماهير على ما وجدته منهم من دعم ومحبة وتقدير، فهم كانوا خير سند لي خلال مسيرتي هنا، وستبقى ذكريات هذه المحطة في قلبي دائمًا، كما سأظل مشجعًا وفيًّا للهلال ومتابعًا مخلصًا له في كل وقت.
02
كيف انتهت علاقتك بالهلال، ومتى أُبلغت بالقرار؟
علاقتي التعاقدية مع الهلال بدأت بود ومحبة، وانتهت كما بدأت، أما علاقتي العاطفية معه فلن تنقطع كما أسلفت، وعلمت بالقرار خلال اجتماع مع الإدارة في المعسكر الإعدادي في النمسا، حيث أبلغتني برغبة الجهاز الفني في الاستفادة من جميع مراكز اللاعبين الأجانب داخل الملعب، بعيدًا عن الحراسة، واحترمت وجهة النظر تلك، وأنا معها في أي قرار تتخذه لمصلحة النادي، وفي النهاية أنا لاعب محترف، ويجب عليَّ تقبُّل أمور مثل هذه بكل رحابة صدر، واحترام جميع القناعات، وهذا لا يعني أنني سيئ، فهناك لاعبون كبار جدًّا لم يبقوا في أنديتهم بسبب قناعات معينة، واحترموا هذا الأمر، وأنا شخصيًّا بكل صراحة سعيدٌ بهذه النهاية، والخروج بمحبة الجماهير، ورسائلها الرائعة الدالَّة على رقيها، وكذلك الاحتفالية الوداعية من الإدارة.
03
ما خطوتك المقبلة بعد الهلال؟
بعد العودة إلى عُمان، سأجتمع مع وكيل أعمالي لدراسة كافة الخيارات سويًّا. أرغب حاليًّا في العودة إلى دوري الدرجة الأولى الإنجليزي "تشامبيون شيب"، لكنها حتى الآن مجرد رغبة لم تقابلها عروض رسمية.
04
هل تلقَّيت عروضًا من أندية سعودية؟
بلا شك لن أقبلها، لأنني أريد الحفاظ على علاقتي الرائعة مع الهلاليين، فحين حضرت إلى الدوري السعودي، قلت: إنني لم أترك إنجلترا إلا لتمثيل الهلال الذي يعد النادي الأول في المنطقة، وأعظم فرق آسيا. لو كان العرض من أي نادٍ آخر لما قبلته، لكن، لأنه الهلال لم أتردَّد، والآن أكررها: لم أترك ذلك النادي إلا للعودة إلى أوروبا، وتحديدًا الدوري الإنجليزي، لذا ليست لدي رغبةٌ في تمثيل أي فريق سعودي آخر أيًّا كان، وهذا ما نقلته لوكيل أعمالي.
05
ما أجمل الذكريات العالقة
في ذهن الحبسي خلال مشواره مع الهلال؟
بالتأكيد تحقيق بطولتَي الدوري وكأس السوبر، لأن الفوز بلقبين مع فريق بقيمة الهلال إضافة كبيرة لمشواري الاحترافي بأكمله، ولا أنسى كذلك عبارة عامر عبد الله، المعلق الرائع، حين قال خلال مواجهة الأهلي: "الحبسي يُبقي الدوري في الرياض". هذه الذكريات ستبقى عالقة دائمًا في ذهني.
06
أي مباراة تراها الأفضل لك بشعار الهلال؟
أعتزُّ بمباريات كثيرة، لكنَّ التعادل 1.1 أمام الاتحاد خلال الدور الثاني من موسمي الأول، وأيضًا التعادل السلبي مع الأهلي في الجولة قبل الأخيرة من الموسم ذاته، أراهما الأفضل، لأنهما كانا مهمَّين وحاسمين.
07
خلال الموسم الماضي مرَّ الهلال بسلسلة نتائج سيئة، بعضهم حمَّل الحبسي جزءًا من المسؤولية، هل ضايقك ذلك، وهل ترى أنه أثَّر سلبًا في مسيرتك؟
أولًا، يجب على لاعب كرة القدم أن يتقبَّل كل وجهات النظر، والآراء، والانتقادات الموجَّهة إليه، وبكل صدق، لم يضايقني نقدهم، بل كانت تزعجني رغبتي في الظهور بصورة أفضل، لأن المشجع يريدك أن تكون في أعلى مستوياتك دائمًا، وهذا حقه، سواء على الحبسي، أو غيره، والميزة الكبيرة من تلك الفترة، أنني مثلما اكتسبت خبرةً كبيرةً خلال احترافي في أوروبا، جنيت أيضًا خبرة مواجهة ضغوط الاحتراف عربيًّا مع أفضل فريق في آسيا، وهذه الخبرة ستفيدني في المستقبل بعد نهاية مشواري الكروي.
08
كيف رأيت منافسات الدوري السعودي وحجم ضغوطه؟
المنافسة قوية جدًّا، وجميع مباريات البطولة صعبة بسبب تقارب المستوى، كما لمست الرغبة الكبيرة من مسيِّري الكرة السعودية في تطوير اللعبة أكثر، والسير بها نحو الأفضل. الأمر يحتاج إلى وقت بالتأكيد، لكن في ظل الدعم الهائل الذي تقدمه هيئة الرياضة، والعمل المتواصل منها، أنا على يقين من بلوغها آفاقًا بعيدة، وأتمنى أن أشاهد اللاعب السعودي محترفًا في الخارج منذ وقت مبكر، وهناك بالفعل مواهب قادرة على ذلك.
09
في رأيك، مَن اللاعب السعودي القادر حاليًّا على ذلك؟
لا أستطيع تسمية لاعب بعينه، ما قصدته ضرورة الخروج في سن صغيرة، لأن اللاعب إذا تجاوز الـ 25 أو الـ 26، فسيكون من الصعب جدًّا تقدُّمه إلى هذه الخطوة، وأتمنى من المسؤولين التركيز على حث المواهب في عمر 18 أو 17 عامًا على الاحتراف خارجيًّا، لأنهم سيفيدون الكرة السعودية فترات طويلة بعد تأقلمهم مع الاحتراف.
10
كيف ترى مستقبل الهلال في الموسم المقبل؟
المنافسة في الدوري السعودي غدت أصعب بعد تقليص حصة الأجانب إلى سبعة لاعبين، وتوزيع الدعم على جميع الأندية، لكنَّ الهلال يبقى طرفًا ثابتًا في المنافسة، وأتوقَّع أن يصارع على جميع البطولات كعادته، وهو قادر على تحقيقها.
11
ما رسالتك إلى زملائك الحراس في الهلال، خاصةً
عبد الله المعيوف؟
شهادتي في المعيوف مجروحة، لذا لن أتكلم فنيًّا عنه، لأنه حارس مميز جدًّا، وإنما سأتحدث عنه بوصفه أخًا، وجدت منه كل الدعم، هو ومحمد الواكد، ومروان الحيدري، الذين قضيت معهم لحظات رائعة، وعشت بينهم تنافسًا جميلًا، وكنت سعيدًا جدًّا برؤية المعيوف يمثِّل المنتخب السعودي في كأس العالم 2018، وقبلها يُسهم في وصول الأخضر إلى ذلك المونديال بعد مشاركته في مباراتَي الإمارات واليابان ضمن التصفيات، تاركًا بصمة واضحة فيهما، وأتمنى له كل التوفيق في الموسم المقبل، ورسالتي له: ألَّا ينسى أن حراسة الهلال ليست سهلة صراحةً، فدائمًا ما تكون مُطالبًا بالتميُّز والارتقاء إلى قدر المسؤولية، كما فعلت في المواسم الماضية، وتشرَّفت بمعرفتك عن قرب وتناوب اللعب معك. كرة القدم مرحلة وتنتهي، أما الأخوَّة والتقدير والاحترام، فتبقى إلى الأبد، والتقدير الذي وجدته من زملائي يعني لي الكثير، وأتمنى أن أكون قد أضفت لهم شيئًا من خلال خبرتي في الدوري الإنجليزي.
12
لعبت لثمانية أندية طيلة مسيرتك الاحترافية
في عُمان والنرويج وإنجلترا والسعودية، بأمانةٍ، أي هذه الأندية المفضل لديك؟
الهلال بالتأكيد.
13
مَن مثلك الأعلى في حراسة المرمى؟
جيانلويجي بوفون، حارس يوفنتوس وأسطورة الكرة الإيطالية.
14
هل ترى أن قرار الاستعانة بالحارس الأجنبي في الدوري السعودي أثَّر سلبًا
في المحلي؟
على العكس تمامًا، أراه قرارًا إيجابيًّا للدوري السعودي، والآن نرى غالبية المنتخبات العالمية الكبيرة لا يلعب حراسها في الدوري المحلي، وهذا لا يقلِّل من قيمة الحارس السعودي الذي متى ما كان متميزًا، سيثبت وجوده حتى في ظل تنافس الأجانب.
15
ما رأيك في مشاركة سبعة محترفين أجانب مع فرق الدوري السعودي، وهل ترى أنها تضر اللاعب المحلي؟
اللاعب السعودي المميَّز أثبت وجوده في التشكيل الأساسي لجميع الفريق، منها الهلال، منذ تطبيق القرار، والدليل عدد اللاعبين المتاحين للأخضر، كما أن المنافسة الشديدة مع الأجنبي على حجز مركز أساسي، رفعت من مستواه.
16
هل فكرت في مستقبلك بعد الاعتزال، سواء بالاتجاه نحو الإدارة الرياضية، أو تدريب الحراس، أم ستكتفي بما قدمته في الملاعب؟
كرة القدم عشق الطفولة، وكل تركيزي حاليًّا منصبٌّ عليها، لذا لم أتخذ قرارًا نهائيًّا حيال خطوة ما بعد الاعتزال، لكنني أملك مشروعًا طموحًا في عُمان "أكاديمية الحبسي لكرة القدم" لاكتشاف وصقل المواهب الكروية منذ الصغر، وسأوليه اهتمامي.
17
ما بين البدايات في عُمان، واللعب في أوروبا، وصولًا
إلى مواسمك الأخيرة، أي الفترات كانت الأصعب بالنسبة إليك؟
أعتقد أن البدايات كانت الأصعب، خاصةً عند انتقالي إلى النرويج في تجربتي الاحترافية الأولى في أوروبا، لأن الأجواء كانت صعبة على لاعب في مثل عمري وقتها، لكن، إذا امتلك الإنسان طموحًا متجددًا، وأهدافًا دائمة، فسيواصل المشوار، ويتغلب على العقبات في أي مرحلة من مشواره.