الكلمة ليست مجرّد كلمة!
علّمتني القراءة "والكتابة فَعَلَت أيضًا، والحياة عمومًا" أنه ما مِنْ كلمتين ولهما نفس المعنى!.
ـ بل إن الكلمة ذاتها، ذاتها!، حتى وهيَ في عَزْل القواميس وحَبْس التصنيف، يكون لها في كل مرّة معنى وإيحاء وأَثَر وظِلال ودَلالة ورائحة لا تتكرر، مهما بقيَتْ مكرورة رسم الإملاء إلى ما لا نهاية!.
ـ فما بالك بها، إنْ هيَ خَرَجَتْ من سجن القواميس، وأفلتتْ من قيْد التصنيف والتعريف، وكَنَسَتْ عزلتها بزحام الجُمْلة والعبارة والفقرة؟!. تتلوّن بكل ما هو معها وحولها وتُلوِّنه!. تصيرهُ ويصيرها!.
ـ لا بُرهان عليها إلّا في سطرها الآن!. وهذه الـ "آن" لا تثبت على حال!، ليس لأنها "زمن" فقط، ولكن لأنها "كلمة" أيضًا!، فلا بُرْهان عليها: البراهين لها لا عليها!.
ـ الكلمة هي "الآن" لا قبل ولا بعد!. ولابن حزمٍ في هذا تجليّات: "إذا حقّقتَ مُدَّة الدّنيا لم تجدها إلا: "الآن".."!.
ـ وما إنْ تُغيّر الكلمة قليلًا من رسمها، حتى تهجر كل سوابقها!. قد يظل شيء من المفهوم يحوم، لكنه أبدًا لا يتطابق ولا يتوحّد ولا يتماهى!.
ـ لا شيء يُمكنه أن يُحَسّ مرّتين، بتطابق نهائي!. لو أمكن للإحساس أن يتكرر، لما عادَ إحساسًا، يصير معلومةً أو حتى نظريّة!.
ـ "مدفون" غير "دفين"!.
ـ أشعر بذلك، أحسّه، بعيدًا عن كل قاموس ومُنجد!. وما أُمْسِك به من معنى هو معنى يخص "الآن" فقط، وبإثرٍ من ومضة هذه "الآن" التي لا تستقر على حال!.
ـ مدفون ودفين، حسنًا، هذه حصيلة "الآن" الآن!..:
ـ المدفون يُنسى، فإن بقي في البال، طابت ذكراه، أو قلّت موحشاته ومساوئه، وربّما لَطُفَتْ معايبه!.
ـ الدّفين خبيء!، لكنه حيّ!، بكامل المخاوف منه أو عليه!، وبشروره التي تتناسل منه كل يوم!. فإنْ طاب وحُسَن فهو حيّ بثُقله المتنامي!.
ـ الأحبّة والإحسان أمثلة على ما قد يكون مدفونًا!. والسِّرّ والحقد أمثلة على الدّفين!.