2019-07-29 | 22:22 مقالات

جدال تحسمه «الجادل»!

مشاركة الخبر      

أُقدّر، بتحيّة عالية، كل مُبدع لا يتواصل مع بقيّة أهل الفن والثقافة والإعلام والأدب استشعارًا للحرج!.
ـ لا أعني مقاطعتهم، أعني ذلك المبدع الذي لا يربط حياته الخاصة بوجودهم حوله، فإنْ هو التقاهم في مناسبة أو مناسبتين، حيّا ورحّب، وصافح، وتحدّث قليلًا ثم مضى إلى حال سبيله: لا صُحبة دائمة ولا لقاءات متواصلة ولا ركض لاهث لتشكيل علاقات خاصة ومتداخلة!.
ـ مثل هذه العلاقات، وهي كثيرة، لم ولن تنتج فيما أظن، غير سيل من كلمات التكاتف الّلزجة، وزيادة، لا معنى لها ولا فائدة منها، في الحرج من النقد!.
ـ وبمثل هذا التردد اللطيف، يخسر الأدب كثيرًا من وهجه، وينحدر الفن إلى درك أسفل من مؤازرة التلميع والتمييع!.
ـ مثل هذه العلاقات قد تحمي الفنّان نعم، بل قد تفيد وتساعد في شهرته، ليس في ذلك ما هو مؤسف، المؤسف حقًّا أنها دائمًا (وليس غالبًا!) ما تفعل ذلك على حساب النص الأدبي والعمل الفنّي!.
ـ حتى اقتراب الأدباء الشباب، الجدد، من الأدباء الكبار سنًّا وقدرًا وتجربةً، أمر لا يسلم من المخاطر والأضرار!.
ـ إن كان هؤلاء الكِبار، كبار فقط بحكم السن واستمراريّة الظهور، فإن القرب منهم لا يكتفي بإحباط المواهب الشابّة جرّاء آرائهم المتكلّسة، لكنه قد يزيد فيشوّش من قناعات المبدع الشاب في نفسه وفي فنّه وفي حلمه وفي طريقه!.
ـ أمّا إن اقترب موهوب شاب من مبدع كبير حقًّا، وليس كبير سنًّا فقط، ففي الغالب، أو لنقل في كثير من الأحيان، تكون احتماليّة كسر المجاديف حاضرة!.
ـ قبل أيّام، أشعلت رسالة من صديق "طلب عدم ذكر اسمه" فكرة الموضوع لدي، أنقل الرسالة حرفيًّا: "تكفى.. اكتب تحذير عن صداقة الفنان في أي مجال لأنه يطفئ موهبتك وبالذات إن كنت فنانًا حقيقيًّا لأنك تنكفئ أمام فن صديقك الذي يتجاوز موهبتك وتُحرم مرحلة البدء!".
ـ العجيب الحلو البديع، أنني قرأت الرسالة صباحًا، وفي المساء، تابعت عبر رابط إلكتروني، حوارًا قصيرًا، مع موهبة شعرية شابّة بزع نجمها مؤخّرًا، موهبة نسائية أثارت انتباهًا مستحقًّا لما تنقش من شعر شعبي بروح غنائية جديدة، أتحدث عن الشاعرة "الجادل"، لا أعرف لها اسمًا غير هذا الاسم المستعار الذي توقّع به نتاجها!.
ـ دُهشتُ حقًّا من قدرة هذه الموهبة الشابّة على التقاط المعنى وقنصه، وسرده ببساطة متناهية ودون عُقَد من أي نوع!. كان السؤال: "في بدايتك هل كنتِ تسألين أحدًا، تستشيرين أحدًا؟!". الجواب ببساطة: "أختي الأكبر مني.. فعليًّا فعليًّا.. كل عائلتي"!.
ـ لم تُقنع الإجابة العذبة البسيطة المذيع السائل، استزاد فكان هذا الرد العميق شديد النبوغ، أنقله بعاميّته محافَظَةً على عبقه: "شوف.. في النهاية انت.. لمّا.. تكتب شي بيجاملونك.. عادي.. الناس تحبك بتجاملك!. لكن في هذيك الفترة من حياتي حسيت انه فيه دافع!. شوف.. إذا فيه أحد ما يعرف.. إذا انت شخص توّك بادي تكتب.. وتروح لشاعر.. بيحطمك.. لأنه شاعر.. ولأنه.. هو.. عارف أساسيات القصيدة.. لمّا تروح لأحد شايف فيك بوادر جميلة.. بيعطيك دافع.. ولمّا تكبر.. ح.. تعرف كيف انت.. تحسّن من نفسك"!.