2019-08-28 | 22:35 مقالات

إميل سيوران

مشاركة الخبر      

إميل سيوران هذا "عُجْبَة"!. قادر على إدخال ديناصور المعنى في حفرة نمل اللغة!.
ـ يفعل ذلك بسهولة تغيظ وتسبب الحسد، خاصّةً بالنسبة للكتّاب والشعراء منهم تحديدًا: تقرأه، تكاد تُقسم أنك لم تلتقط جملة واحدة في حياتك بالشكل الأطيب الأدقّ والأكثر حُرقة ومرونة والأوجب لالتقاطها!.
ـ من حُسْن حظ الكتّاب والشعراء أنه مثقل بتشاؤمية لا تُطاق وبرغبة في الهدم العدمي لا تُحتمل!. لولا ذلك لغُلِّقت الأبواب!.
ـ حتى هذا لا يبدو كافيًا، كان لا بد للآخرين "كتّاب وشعراء" من حظوظ حَسَنَة كبيرة أخرى، كي لا يستولي سيوران على كل شيء، وهذا ما كان بالفعل، ذلك أن سيوران صادم إلى حد كبير جدًّا، وكأنه خُلِق لمعارضة كل شيء، بما في ذلك ذاته وكتابته!.
ـ وسبب أخير ونهائي: أنّ الشعر لا يُترجم، أو على الأقل فإنه لا يحتفظ أثناء الترجمة بدفقاته كاملةً غير منقوصة آهة واحدة!. لو كان سيوران روائيًا بذات المهارة لقُضي الأمر!.
ـ يذهب إلى المعنى، ومهما كان المعنى مزعجًا وغير مريح بالنسبة لك، فإنه يبهرك!. يكفيك من الانبهار إحساسك الموثوق به بأنّ هذا المعنى لم يكن له أن يسكن في جملة بشريّة كما هو عند سيوران!.
ـ تشعر أن سطرًا من ثلاث أو أربع كلمات ضمّ مكتبة كونيّة!. وأنّ كل ما كان يقترب من هذا المعنى إنما كان يُصاغ بثرثرة فائضة عن الحد!.
ـ تريد أمثلة؟!. خذ عندك:
" عن مريض: فِيمَ آلامي؟ لستُ شاعرًا فأُقصّدُها أو أُفاخِر بها"!. "لا يدخُلُ الإحساس في مِلْكِ الغَلَط"!. "هؤلاء الأولاد الذين لم أستولِدْ، لو يعلمون ما يَدِينُونَ لي به من سَعْد"!. "كَيْما يستحيل إحساسٌ معنىً لا مَحَالَة قد انحطّ أسفل سافلين"!. "لو كان مَحْضُ استقذارِهِ العالَمَ يُضيفُ المرء إلى القداسة لَمَا وَسِعَني الإمتناع من رسمي قدّيسًا"!. "ولا أرى ترجمة أطيب من ترجمة لقمان سليم لسيوران"!.
ـ هذه المقالة إقصائيّة، وحصريّة الرأي والذوق، بما لا يمكن للرأي فيها أن يكون صحيحًا وعلى صواب لا يمكن مراجعته أو التخلّي عنه فيما بعد!. بل وأدري أنه رأي آيل للسقوط مع أوّل مواجهة بسيطة له!. بالرغم من ذلك أجدني راغبًا في كتابته مع شعور بالتقصير تجاه سيوران!.