الروايات هي التي تنتهي من روائيّيها!
ـ الكتاب يُكتَب لحظة قراءتك له!. كل الكُتُب طازجة وجديدة، وقادرة على تحدّي الزمن بنجاح، بما في ذلك الكتب الرّديئة!.
ـ الروايات هي التي تنتهي من روائيّيها وليس العكس!.
ـ لا يُمكن لروائي الانتهاء من روايته!. ما أنْ ينتهي منها ككاتب حتى يعود لها كقارئ!.
ـ وما أن تتخلّص الرواية من كاتبها، ومن تدخّلاته فيها كإنسان “حِشَرِي”!، حتى تبدأ حركتها بعيدًا عنه، وتتنفس حرّيتها من جديد، حيث وجودها الحقيقي، والأبديّ!.
ـ في كارثة الكساد الاقتصادي الأمريكي 1929، كان جون شتاينبك يريد أن يَسِم وجه المسؤولين بعلامة العار. كان يعرف مبتغاه كروائي، لكن هذا لا يعني شيئًا بالنسبة للرواية بعد الانتهاء منها!.
ـ كان شتاينبك يعرف ذلك، وفي يوميّاته المزامِنة لكتابة الرواية الأشهر له، والتي صار يُعرّف بها تقريبًا، نقرأ حيرته: “كيف ستبدو الرواية بعد انتهائي منها؟ مجرّد تساؤل!”.
ـ كان يدري أنّ للرواية دروبًا وقلوبًا أُخرى بعدد قرّائها!. وفي هذا يكمن سر الإبداع الفنّي ويفرُق، ذلك أنه كان بالإمكان تحبير مقالة شتم، أو إلقاء خطبة طويلة اللسان بديلًا!.
ـ أمّا وقد كتب أدبًا وفنًّا، فقد كتب ما يُمكنه إقامة علاقات خاصة بعيدًا عنه، وفي كل علاقة حياة!
ـ الفنّان حين يُدخل غضبه واستياءه في مُنجزه الإبداعي فهو مثل من يُدخِل رضاه وابتهاجه، لا فرق ولا أهميّة!. وعلى الفن أن يفعل فعلته ويرمي بكامل حِيَله بعد ذلك، لإنقاذ المكتوب من كاتبه!.
ـ “كيف ستبدو الرواية بعد انتهائي منها؟!”، هي ذاتها “كيف ستبدأ الرواية بعد انتهائي منها؟!”. في مثل هذا التساؤل المُدَوّخ، تكمن حياة الفنون والآداب. وهو تساؤل بلا جواب إلّا في الأعمال الرّديئة جدًّا!. والتي هي ليست أدبية ولا فنيّة إلا تعسّفًا!.
ـ أما الأعمال الفخمة فليس بإمكان أصحابها الإحاطة بجواب نهائي لمثل هذا السؤال!. لأنها بلا صاحب محدّد!. بما في ذلك كاتبها!. له منها حقوق التوقيع ومكاسب النشر والجوائز متى ما حصدت جوائز!.
ـ أمّا هي ذاتها، وفي حقيقتها، فإنها تقيم علاقتها الخاصة مع كل قارئ، ما أن يبدأ بها حتى يُعيد كتابتها، ويتبادلان التأثير!. يُسقِط عليها وتُسقِط عليه، وفي الأخير يتغيّران معًا!.