مراكز التدريب الإقليمية وصناعة النجوم
الموهبة ملكة فطرية وهبة سماوية أحيانًا تكتسب إذا كان هناك استعداد داخل الشخص، لكنها بالأساس فطرة ربانية ونعمة ربانية، وهي قدرات خاصة فطرية تميز الفرد عن أقرانه كالقدرة العقلية المرتبطة بالذكاء أو الاستعداد الفطري لاكتساب مهارة ما، لكن هل تكفي الموهبة وحدها دون صقل وصناعة؟! الموهبة مثلها مثل المعدن الثمين/ النفيس تزداد قيمته وجماله بالصقل والتكرار والصهر والتنقيح، الموهبة تحتاج إلى صقل وتوجيه وتعزيز لتنضج وتصبح أكثر إبداعًا وعطاءً.
وما من شك بأن صناعة الرياضي المميز ليست بالسهلة؛ فالأمر يتعلق بالتكوين الصحيح/ السليم للرياضي منذ سن صغيرة ذهنيًّا وبدنيًّا ونفسيًّا وتأهيله وتأطير موهبته بشكل إيجابي صحيح، وما يتصل بذلك من توفير إمكانيات أساسية للصناعة من أدوات ومنشآت وتأهيل مدربين وكشافين ضمن مشروع إطلاق النجم الكروي فيما بعد.
وأود الإشادة بفكرة “مراكز التدريب الإقليمية” التي أطلقت بجدة والدمام لتوفير فرص اكتشاف المواهب وصناعتها وفق خطط طويلة المدى للفئة العمرية 12/14 سنة بملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية وملعب أرامكو بالظهران.
الاستثمار بقطاع الرياضة مهم وضروري فهو استثمار معني بالمستقبل بغد أفضل، وما من شك بأن الاستثمار بالموهبة الصغيرة الواعدة الموهوبة أفضل استثمار خاصة إذا كان “مشروع دولة”؛ فمنتخباتنا الوطنية وكرتنا السعودية تحتاج إلى المواهب بكل المراكز وتفتقدها خاصة بهذا العمر الصغير الذي يشكل النواة الأساسية والقاعدة التي يقوم عليها البناء بالمراحل السنية المختلفة.
بعيدًا عن الاتكال على الأندية التي لا تبحث إلا عن مصالحها الشخصية والعنصر الجاهز/ المُعلب؛ فلا وقت لديها لهدره للبحث عن الموهبة والصبر على إعدادها/ تجهيزها، وإن وجدت فتبقى حبيسة الانتظار على الدكة، بعضهم يُدفن وهو حي وبعضهم الآخر يفرض على المدرب بالواسطة والمحسوبية! اكتشاف الموهبة الكروية الجيدة ليست مهمة الكشاف وحده، ربما كان مدربًا ولكن ليس بالضرورة المهم تتوفر فيه الرؤية الثاقبة والنظرة المستقبلية للموهوب وتلمس علامات النبوغ المبكر وصقلها، التي تبدأ من المنزل والمدرسة والحواري...! “الحظ” أيضًا يلعب دورًا رئيسًا أحيانًا في الاكتشاف وربما قام بدور البطولة باختيار العنصر الذي يحدث الفارق في النادي والمنتخب! ومثلما يتعب الصياد الماهر باختيار صيده الثمين يجب أن يكون لدى المكتشف مواصفات خاصة للبحث عن الموهبة الجيدة واختيارها، تلك التي تضيف للكرة السعودية وتكون قادرة على التشكيل والتأهيل لننتج منتجًا وطنيًّا يُعتمد عليه سنوات طوال.