رَفّ ومُدَرّج!
- اليوم الذي لا تكون فيه مباريات كرة قدم، ولا يكون فيه كتاب جيّد، يكون بالنسبة لي يومًا طويلًا!. كل ما تقوله الأرصاد، ورغم تقديري لحساباتها، لا يعني لي شيئًا!.
- الكتاب الجيّد يُشعرني بالحكمة، وكلّما كان مجنونًا، وكان أسلوب كاتبه رشيقًا، وكان لكلماته إيقاع راقص، فإنّ ذلك يشعرني بالحكمة أكثر!. يقرّبني منها، ويوصلني إليها بأقصر و”أقرص!” الطُّرُق!.
- لا أعتبر ما هو ثقيل على القلب حكمةً مهما كان المُراد طيّبًا!. والحكمة المباشرة، الخالية من المرتفعات والمنحدرات برّاقة المُلَح، والتي تتجه إلى المعنى بشكل صريح واضح ومباشر، متحاشية أي نوع من الألغاز كأنها تعتبر ذلك عِلّةً وتحسبه مَرَضًا!، لا تتخطّى عندي مرحلة الحسابات الجافّة!. لا أعدّها حكمة وإنما نصيحة!.
- كلّ ما يتوجّه إلى المعنى بشكل مباشر، بخط مستقيم، برصانة مَكْتَبِيّة، يخسرني كقارئ، إن هو أصاب هدفه ونجح في مسعاه!. في حين قد يَكسبني كقارئ، ذلك الذي يسعى هذا المسعى ثمّ لا ينجح في مسعاه!.
- لكن ومهما كان الأمر، فإن الحِكْمَة المُكتَسبة، تُثقل المرء!. تُقصقص أجنحة الطيش، وتُغلق أبوابًا كثيرة كانت مفتوحة على الدّهشة!.
- تبًّا للحكمة، حين لا يصير لها معنى أكثر من معرفة الإنسان ما سيأتي!. ليقينه بقدرته على التّوقّع، ونجاحه فيه، للدرجة التي يمتنع عندها كل جديد!. وكأن كلّ شيء صار مُعادًا ومكرورًا!.
- هنا يأتي دور كرة القدم، والفُرجة عليها!. تعيدني إلى طفولة خالصة!. تفتح شبابيك الشغب وأبواب الطيش على مصراعيها!. تنتصر للعاطفة على العقل!. تُخلّص هذه العاطفة من كل تدبير مدروس الحسابات ملموس الفائدة!.
- حتى ولو وهمًا، فإنه وهم لطيف ومُحبّب ومُشبِع، ذلك الشعور بالخِفّة والفُتوّة وحيويّة الشباب، الذي تمنحني إيّاه مشاهدة مباريات كرة القدم!.
- ميزة في التشجيع الرياضي، أنه يُشعرك بأنك جزء من اللعبة، بل جزء من الفريق الذي تُشجّعه!. مُجرّد تمنيّاتك، حماسيّة العاطفة، لفريقك بالفوز، تستحضر طاقة، فيها من رائحة الصّبا ما فيه من رائحة الطّيش!.
- أتذكّر معنىً خلّابًا، وأظنه من صياغة الشاعر دخيل الخليفة، لا أحفظ الصياغة حرفيًّا، لكنه كان يقول إن براءة الأطفال موجودة حتى في غياب حسن النيّة لديهم!.
- وهذا ما أحسّه بداخلي حين أشجع فريقي المفضّل!. وهو الإحساس الذي أظنه لدى كل شغوف محب لهذه الرياضة!.
- فمع تمنياتنا بخسارة الفِرَق المنافسة، مهما كانت مستوياتها جيدة، وتستحق الفوز!، ومع عدم غفلتنا عن حسابات “الطقطقة” والتّندّر على أصحابنا الذين يشجعون فريقًا غير فريقنا، إلا أننا نشعر ببراءة مثل هذه النوايا والأفعال بالرغم من افتقارها، المعلوم والواضح، لحسن النّيّة!.