هل قرأنا الشعر
في المدارس؟!
- للأسف، فإنّ كل ما علّمتنا إياه المدارس، هو التاريخ السياسي للأدب، وليس الأدب نفسه!. أو أن هذا هو العنوان الرئيس الذي تسبب بحجب جماليّات كانت، وما زالت، في متناول اليد!.
- لم يُقسَّم لنا الأدب العربي على أسس فنيّة. لم يبُحث الأدب أدبيًّا!.
- تمّ حشوه في عقولنا صغارًا على النحو التالي: الشعر الجاهلي، الشعر الأموي، الشعر العباسي..، وهكذا، بتقسيم لا يهتم بمذاهب فكريّة، ولا يتعمّق في أسلوب شاعر بعينه، فيقرأ تحوّلاته وتأثيراته، لكنه يأخذ كل فترة تاريخيّة، ويسمّي أدبها باسم حُكمها السياسي!. وكأن أهم ما في الأمر أن نعرف بعبّاسيّة ابن الأحنف، وأندلسيّة ابن زيدون، وأمويّة عروة بن أُذُينة، وجاهلية امرؤ القيس!.
- لم يتم الالتفات لتحوّلات “الذئب” من مصاحبة الشاعر “الجاهلي” له، إلى قتل الشاعر “الأمويّ” له، إلى استعادته بهيئة جديدة في “كليلة ودمنة” فيما بعد!.
- “أقلّي عليّ اللوم”، “لا تعذليه..”، ومثلهما كثير، ولا شيء سوى: “يُخاطب الشاعر زوجته”!. ولو أن فكرةً صغيرةً، دُسّت في مناهجنا، لتغيّر الحال، ولبدأنا بتخصيب الفكرة، وتفجير الدلالات، وصار ممكنًا لنا تخيّل أن الشاعر إنما كان يخاطب ذاته، ويتواصل مع قلقه الداخلي، مثلًا!. وبهذا لا تكون “المرأة” ضد كرم زوجها وسخائه وعطفه بالضرورة!. الصورة ستتغيّر!.
- لماذا تعاظم، شيئًا فشيئًا، فخر الشاعر بنفسه، وامتداحه لذاته؟!، ولماذا تم التعامل مع هذا الأمر وكأنه من طبيعة الشاعر منذ البدء؟!.
هو حتى لو كان من طبيعته، فإنه لم يتكشّف بكل هذه الصفاقة إلا في وقت متأخّر!. لم ينبّهنا أحد، مثلًا، إلى العلاقة بين غياب الاحتشام في هذا الأمر وبين توقّف القبيلة عن إشعال النار وإقامة الأفراح لمولد شاعر!.
- على أي أساس أدبي وفنّي، تم دحر التواضع في: “هل غادر الشعراء من متردم؟! “، و: “ما أرانا نقول إلا رجيعًا.. ومُعادًا من قولنا مكرورا”!، لصالح: “وإني وإن كنتُ الأخير زمانه.. لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ”!، ثم لصالح: “وما عليّ إذا لم تفهم البقر”؟!.
- الدروس التي كانت تقول لنا إن القصيدة العمودية تتمتّع فقط بالوحدة الموضوعية، دون الوحدة العضويّة، إنما كانت تريد لنا تمرير المُنتحَل والمضاف من الرواة والقصّاصين على الشعر الجاهلي تحديدًا!. كان طه حسين مبصرًا، أكثر من كل هؤلاء المدرّسين، وكانت كتبه، لذلك، تثير الرّيبة!.