2020-03-29 | 23:02 مقالات

هيمَنةٌ.. منْ طرف واحِد

مشاركة الخبر      

يُجمِعُ الناسُ على أن العالمَ أصبح قريةً واحدة، والسوشال ميديا تبرهن على ذلك، فهي المرآة الوحيدة التي تستقطب جميع أشعة الأحداث التي تجري تحت الشمس وفوق الأرض.. فهل يصدق حقًّا هذا الإجماع؟
الكثير من المتحدثين عن قضية العالم الراهنة، التي لم يرد تخيُّلها من قبلُ.. (فيروس كورونا)، يزعم بأنها حرب سياسية، أو معركة بيولوجية، أو خديعة أمريكية، ويأتي كلُّ زاعمٍ بأدلته وبراهينه، إلا أنها جميعًا لا تعدو كونها محض هُراء، فللكون إلهٌ أحد، وحده سبحانه من يتصرف فيه بهذه القدرةِ المطلقة والهيمنةِ الكاملة.. هذه الجائحة قدريّة وإلهيّةٌ حدّ اليقين.
حالات الوفاة تتسع بشكل غير مسبوق.. والإصابات تستشري في المناطق الأكثر تطورًا وتقدمًا في مجال الطب ورعاية الإنسان، وتضيق بؤرة العدوى ومساحة الانتشار في الأماكن الفقيرة المتخلّفة، التي تمثل أفضل بيئة للفيروسات والأوبئة القاتلة، بشكل بالغ البيان والوضوح، ما ينافي كل مسلّمات العقل بشتّى لغاته وأدواته، وبما يدعو للحيرة والدهشة.. فالجهات التي كانت تستقطب معظم الحالات المرضية الأشد صعوبةً وتعقيدًا وضراوةً لعلاجها والتفرد بتشخيصها، هي من تفقد من بَنِيها كل يوم آلافًا من جميع الأعمار، في مشهدٍ من العجزِ التام لم يستوعبه عاقل حتى اللحظة..!!
فما السر وراء هذا الحقير الذي لا يُرى إلا بالمجهر، ما لَه ينتقي أماكنَ إقامته وتكاثره بعناية، أمَا لهذا العصيانِ والتمرُّدِ حدٌّ يقفُ عِندَه.. وما سر عشقه للمناطقِ الأكثر تقدُّمًا وعلمًا واقتصادًا وأبحاثًا، وزهده في البقاع الأخرى التي تتسم بالبساطة والرجعيةِ والفقر..
ألم يأنِ له أن يكشف عن مدى نَهَمِهِ الذي لا ينتهي، وشراهته التي لا تُسَدّ.. ومعدته متى تمتلئ....؟!! عجبًا وأيّ عجب؟
نؤمن جميعًا بأن العمر واحد، وأنه لا تموت نفس إلا إذا استوفت أجلها ورزقها، إلا أن المتابع الحصيف الذي تصله تداعيات هذا الفيروس..، في أمريكا الدولة العظمى بولاياتها واقتصادها، وإيطاليا بتطورها وعلومها، وألمانيا بتقدمها ونظافتها، والصين (أمّ الوباء ومرضعته) بعنفوانها وطاقتها، يقف حائرًا بين ما تراه عينُه وما تسمعه أذنُه، وبين ما استقرّ من قديم الأزلِ في وجدانه ويقينه..
أمورٌ متنافرة.. لا تستقيم مع المنطق ولغةِ العقل، هل هي شراسةُ فيروس حقًّا..؟!! إذًا لماذا لا يبدو إجرامُه هذا في الدول الفقيرة التي تنعدم تقريبًا فيها كل وسائل الصحة والسلامة؟!! أم أنها شعوذةٌ وكهانةٌ عالميّة.. انقلبَ فيها السحرُ على الساحِر.. وعلى من حضَّرَ العفريتَ أن يصرفَه؟!!
نحن لا نجهل سعةَ لطفِ الله ورحمتِه.. لكنْ لا بدّ لنا أنْ نحذر... ولنتدبر،،!!