اكتب..
إنها لعبة رائعة!
ـ هذه الأيام التي نعيشها الآن، فرصة باهرة للكتابة!. لأن تجرّب إعادة اكتشاف نفسك من خلال الكتابة!.
ـ أدري أنها فرصة لا تقل بهاءً للقراءة أيضًا، لكني أكرر رأيي الخاص جدًّا والذي قلته هنا من قبل، في أيام كان الكوكب بصحّته والناس لم يُجبروا على اتقاء الوباء بالبقاء في بيوتهم: القراءة ليست للجميع لكن الكتابة يجب أن تكون للجميع!. القراءة موهبة.. الكتابة هِبَة!.
ـ ها قد أتت فرصة من السماء لتجريب ذلك. وأن تفعل ذلك للمتعة فهذا لا يخالف شروط الكتابة أبدًا، بل إن الكتابة للمتعة شرط أساسي للكتابة الإبداعية!. المختلف هنا، والمشكوك في أمره، هو كلمة “الإبداعية” لا المتعة!.
ـ سأتجاسر هذه المرّة، وأُحدّد مفهوم “الإبداع” المقصود في هذا الوضع الحرج الذي يعيشه العالم اليوم: الإبداع في الكتابة هو أن تتكشف لك حقائق، أو حتى أن تُزهر فيك ظنون، لم تكن تدري من قبل أنها كانت في داخلك، ولم تكن تدري أنّ كل ما كان ينقصك لمعرفتها ومواجهتها وتأمّلها سوى أن تمسك بقلم وتخط على ورقة!.
ـ أتجاسر أكثر وأقول: هنا، وبالذات هنا، الإبداع في الكتابة هو أن تكتب، ثم إذا ما انتهيت، لم تقل لنفسك: كَتَبْتُ. إنما تقول: كُتِبْتُ!.
ـ لستُ قديمًا إلى الحد الذي أرفض معه الكتابة من خلال الضغط على الأزرار!. جرّبت الأمرين، ويمكنني التأكيد لك بأن الخطّ له دور!. أنت عبر خطّك تقدّم للورقة شيئًا مهمًّا من ذاتك!. جزءًا خاصًّا واستثنائيًّا من تاريخك وحتى من نفسيّتك!. عبر الأزرار أنت تكتب. عبر الحبر والورق أنت تَصُبّ وتُصَبّ!.
ـ والأهم أن تكتب، وأن تلعب لعبة الكتابة. إنها لعبة مُسليّة وممتعة، ويمكنها المساهمة في إخراجك من الضيق والكدر والركود، حتى فيما لو كتبت عن الضيق والكدر والركود!.
ـ لا يهمّ أن يقرأ أحد ما تكتب. هذه مسألة ثانوية ولا يجب أن تهتم بها!. اكتب لنفسك، لتستمتع، اكتب لتمضية الوقت!. ولا تفكّر في ماذا تكتب قبل أن تقرر الكتابة!. قرّر وأمسك بالقلم وخربش على الأوراق!. ستقودك الخربشة إلى مخالب القِطّ!.
ـ أو.. اسأل نفسك أي سؤال تريد، لكن لا تترك سؤالك حبيس ذهنك، اكتبه على الورقة، ثم أجب عنه!. ألف سؤال وسؤال بانتظارك: من أنا؟!، كم مرّة شعرت بسعادة؟!. الحب الأول كيف كان؟! حسنًا، والحب الثاني؟!. ما الذي ندمت عليه حقًّا؟!. وهكذا!.
ـ ابتكر أسئلة أخرى واكتب. اكتب. أحد هذه الأسئلة، سؤال أو أكثر، سيقودك لكتابة أشياء لم تكن تدري أنها تسكنك حتى هذه اللحظة، وقد يقودك سؤال واحد إلى قول كل شيء دفعة واحدة، فالكلام يجرّ بعضه!.
ـ وحتى حين لا تجد إجابات، وكلامًا ترد به على أسئلتك، وحتى لو لم تجد تعابير تسد بها فراغات الاستفهام والتعجب، فقد كتبت أسئلتك، وصار لديك طريق تمشيه لتعرف من أنت، ولماذا أنت عاجز عن بعض الردود!. ستفكّر في أمرك وتتأمّل ذاتك من جديد، ولسوف تستمتع بصحبتك!.
ـ فكرة أخرى: اكتب واصفًا طريقة كل واحد من أصحابك في الضحك!. ضحكة فلان تشبه وقوع علبة تونة فارغة على درج!. ضحكة فلان تخيفنا عليه، إنه سمين وحين يضحك يسحب أكبر كميّة ممكنة من الهواء ثم لا يقدر على إعادتها!. ضحكة فلان...!.
ـ فكرة أخرى: تخيّل نفسك في المكان الذي تريد، لاعب كرة، طبيبًا، محاميًا، عامل نظافة مغتربًا في بلد بعيد عن بلدك، واكتب مذكراتك، أو يومياتك!.
ـ بالنسبة لي تخيّلت نفسي مدربًا لمنتخبنا الوطني، وقد تأهلنا إلى بطولة كأس العالم، وأبشّركم والحمد لله: أدليت بتصريحات رائعة عن كيفية تغييرنا نتيجة الشوط الأول وفوزنا في المباراة الافتتاحية لمجموعتنا بهدفين مقابل هدف، وما قلته للاعبين في غرفة الملابس بين الشوطين!.
ـ اكتب. إنها لعبة رائعة. لن تتخيّل كم هي كذلك إلا حين تلعبها!. سلام!.