الصراع
الكروي
يقول الكاتب الهندي “جدو كريشنا مورتي” إن مجرد البحث عن حل للصراع لن يلغي الصراع نفسه، ويبرر ذلك، بأنك عندما تبحث عن حل أو وسيلة لحل الصراع، فإنك تحاول استبداله أو ملء مساحته بمجموعة جديدة من الأفكار أو النظريات، وأنت بذلك لم تحل الصراع بل قمت بتحويله عبر استبداله ببيئة وظروف جديدة، ستؤدي إلى صراع آخر، ومن ذلك ينصح بالتمعن في فكرة الصراع بمجملها من منبتها.
انتقل كريشنامورتي إلى كاليفورنيا أملاً في أن يتناسب مناخها مع صحة شقيقه المتدهورة، لكنه فجع بوفاته هناك، لتكون نقطة تحول أخرى في حياته “مات حلم قديم وبزغ حلم جديد.. لقد بكيت ولا أريد للآخرين أن يبكوا فإن بكوا فأنا على معرفة بمعنى ذلك، أعرف الآن أننا لن نفترق أبدًا سنعمل معًا إذا صرت وشقيقي شخصًا واحدًا”.
فكرة التصالح مع الظروف والتداخل بدلاً من التنافر، تفتح أبواب الحوار والتعايش وتغلق الأبواب والنوافذ أمام رياح الاختلاف ثم الصراع، أصل الحكاية ما هو؟ واجه نفسك بصراحة بهذا السؤال، أيضًا “تمعن في فكرة الصراع بمجملها من منبتها” كما يوصي كريشنامورتي فقد لا تجد ثمة ما يستحق أن يصل به الحال بينك وغيرك من البشر أو الأشياء حد الصراع.
الحياة ليست سينما عنوان للكتاب الذي اختار المترجم كنان القرحالي بين دفتيه بعض أقوال كريشنامورتي: “يقبع العالم في دواخلك، فإذا كنت تعرف كيف ترى وتتعلم، سيكون الباب أمامك، والمفتاح في يدك، ولن يمنحك أحد على الأرض هذا المفتاح أو الباب لفتحه سوى نفسك”.. الإيمان بقيمتك وما منحه الله لك من عقل وقدرة على التمييز، لن يسمح بأن تتحول إلى تابع مستسلم، أو ببغاء تردد ما يريد أن يسمعك إياه الغير، قلب الأمور وراجع، ابحث تحرر بفكرك ورأيك، في القطيع ما يكفي، خذ لنفسك اتجاهًا تطمئن إليه، وليس ما يطمئنك عليه الغير.
جبران خليل جبران لديه خطة أخرى لتجاوز الصراع، فهو يرى إذا سرق المتسلق إلى جانبك في السباق جرابك وكيسك، فقد سمن بالأول وازداد ثقلاً بالثاني، فخذه بحلمك وأشفق عليه، لأن السمن يجعل الصعود صعبًا عليه، والثقل الذي أضافه إلى أحماله يطيل الطريق أمامه. وفي الحالين فإن ما يتحدث عنه الاثنان لا علاقة له بالصراع الكروي، كونه مفتعلاً ولا يراد له أن ينقضي.