2020-09-26 | 21:46 مقالات

مصانع «الضجيج»

مشاركة الخبر      

في الوقت الذي كنا نمني فيه النفس بتطوير صناعة إعلامنا الرياضي المحلي حتى يتوافق مع المرحلة الانتقالية الكبرى التي تعيشها هذه البلد العظيمة.. وفي الوقت الذي ابتعدت وسائل الإعلام التقليدية عن نمطيتها واتجهت نحو تطوير تقنياتها وتنمية طاقاتها البشرية، وأبدعت في استقطاب المتميزين إلى استديوهاتها وبرامجها.
في كل ما يحمله هذا الوقت من تقدم وسعي نحو الأفضل، نجد أنفسنا للأسف في انحدار شديد تقوده منصات منحت الفرصة والمساحة والوقت والمال لتظهر لنا أسوأ ما يمكن أن يقدم في الشاشة، والحديث هنا عن معظمها وليس كلها بطبيعة الحال “فلو خليت لخربت”..
في هذا الوقت الذي نملك فيه الكثير من العقول المفكرة والأصوات الرزينة القادرة على إدارة البرامج الرياضية والظهور فيه كمقدمين ونقاد ومحللين، فإننا نجد أنفسنا أمام نماذج أقل ما يقال عنها إنها فاشلة بفكرها الرجعي وعقليتها البالية وخطابها المشحون، ولسانها الجامع لكل نقص وكذب وتقصير وتفاهة..
وفي الوقت الذي يستحق فيه المتابع الرصين مشاهدة النماذج الإعلامية “المؤهلة” بتعليمها أو خبرتها، والمتسلحة بأدبها ولباقتها، فإنه يجد نفسه أمام أشخاص لم يكن لهم أن يظهروا في الإعلام المرئي لولا حصولهم على فرص الظهور التي لم يكن من ضمن اشتراطاتها الكفاءة والنضج والإبداع..
والمضحك في الأمر أنه على الرغم من انكشاف وفضح ذلك المحتوى الهزيل الذي تقدمه “بعض” برامج “الضجيج” الفضائي، وانكشاف ضحالة تفكير “بعض” ضيوفها “الدائمين”، إلا أنهم مستمرون في استقطاب المزيد والمزيد من الشخصيات المتوافقة مع ذات الاشتراطات العجيبة التي تبعدنا أكثر عن صناعة إعلام رياضي تلفزيوني نفتخر به كما يفتخر غيرنا بإعلامه.. الإعلام الذي نستحق فعلاً أن يكون معبراً عنّا أمام كل من يشاهدنا من خارج الحدود..
يا من منحتكم علاقاتكم وميولكم فرصة الظهور إعلامياً.. تحدثوا بلسان وطني على الأقل أو اصمتوا.. تحدثوا بمعلومات صحيحة على الأقل أو اصمتوا.. تحدثوا بحضور الحد الأدنى من المنطق والعقل أو اصمتوا.. نعم فصمتكم أرحم من هذا التشويه بكثير.. اصمتوا فقد فضحتمونا أمام الآخرين..
وأخيراً.. إلى القائمين على تلك البرامج الباعثة لنشر “ثقافة الضجيج”.. إذا كنتم تجهلون ما وصلنا إليه من تراجع مخيف في الإعلام الرياضي المرئي، فعليكم مراجعة حساباتكم والاستعانة بذوي العقل والبصيرة لإعادة الأمور إلى نصابها.. أما إذا كنتم راضين عن تلك الثقافة، ومؤصلين لذلك الفكر، فأسأل الله أن يبعدكم عن إعلامنا عاجلاً غير آجل..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..