المشجع على حق لكن ماذا عنك؟
تعرف المساواة أنها: التسوية بين الأشياء المتماثلة والأشياء المختلفة، بينما العدل: المساواة بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات، ومن ذلك يقال “إن التسوية بين الأشياء المختلفة ظلم وجور”، لكن لهذه القاعدة ما يخالفها في عالم كرة القدم، لذا لا يمكن لمشجع نادٍ مغمور أن يقبل تفضيل نادٍ آخر على ناديه حتى لو كان ذلك النادي برشلونة.
تتساوى الأندية عند المشجع بحيث يجزم أن ناديه أفضل من غيره، وينحي العدل عند المقارنة، ويزداد تمسكًا برأيه كلما تقلصت هذه الفوارق، والحقيقة أنه على حق إذا كان الأمر في إطار العشق والهوى لا بما للناديين من تاريخ وإنجازات، تمامًا مثلما يحدث عند تخييرك بين أحد أبنائك وابن للقياصرة.
هذا يفسر جنون المدرج وعدم عقلانية النقاش حين لا يتم الالتفات إلى الفارق الذي لا يمحوه المنطق ولا الحقائق والأرقام، المشجع شخص تورط بالعشق الذي ليس له منطقة وسطى، وما لم تتنبه لذلك ستضيع وقتك لإقناعه مثلاً أن ميسي العبقري أفضل من هداف ناديه الذي أنقذهم من الهبوط إلى مصاف دوري الثانية.
إذا عملت في الإعلام يحدث أن يتوجه إليك أحد هؤلاء بالسؤال الكبير: لماذا لا تنصفون نادينا؟ فإذا سألته كيف؟ أجاب بإعطائه حقه، ترد عليه مرة ثانية كيف؟ يجيب كما كنتم تعطون حبيب القلب ويقصد هنا ناديًا بعينه، ترد لكن هذا النادي يختلف عن ناديك ولا يقارن به يغضب ويدير لك ظهره ويتركك.
للأسف لم تفهم أن هذا مشجع، وأن إجابتك لن يقبلها فحسب بل ستعمق في داخله الشعور بالاضطهاد لعدم المساواة التي يريد لها أن تحكم بينكما لا العدل، وفي ظني أن أكثر من ساهم في غرس هذا الشعور هو الإعلام والمسؤول، عندما يرسلان إشارات خاطئة من أجل استرضاء المشجع العاشق لا تميز بين المجتهد والكسول والناجح والفاشل والمخطئ والمصيب.
لا تطلب من المشجع أن يتخلى عن عاطفته، لكن لا تتعاطى بعاطفتك مع الوقائع، هو لإيلام فهذا دوره، وأنت غير ملوم لأنك تؤدي عملك، وإذا كان مشجع المدرج مهما أخطأ أرحم من “مشجع الكنبة” المنكب على جهاز الجوال يشتم ويقذف يقيم ويقرر، إلا أن جميعهم يعتقدون خطأ أنه من العدل أن يتساوى الجميع في ميادين أسست على التنافس فيه الفوز والخسارة، والسبب أننا ندعم هذه الفكرة إما مجاملة أو خوفًا.