لماذا
نخسر؟
سؤال بسيط ومنطقي ويتردد على لسان كل سعودي هذه الأيام، ولكن لا أحد يوضح أسباب الخسارة في كل بطولة كبرى والخروج بخيبة أمل وإحباط، لذلك دون وعي تتحول الإجابة إلى وعود في البطولات القادمة.
لا يمكن أن أُحمل الفشل لإدارة أو مدرب أو اتحاد أو الوزارة، فهم مثلنا ضحايا لتراكمات ممتدة جعلت المشاركة الحالية حلقة في سلسلة الإخفاقات التي بدأت منذ أولمبياد 84، بخلاف مشاركتنا الأولى في كأس العالم 94، أجد أننا فشلنا في كل منافسات كرة القدم العالمية “المونديال والأولمبياد”، والسبب يعود لكوننا غير قادرين على تقييم ذاتنا بشكل واقعي قبل البطولة، فندخل المباراة الافتتاحية ونحن نرى فريقنا أفضل من الخصم حتى لو كان البرازيل أو ألمانيا أو فرنسا، وبعد المباراة نكتشف أننا أخطأنا التقدير وأن الخصم فاز واستحق الفوز.
في كأس العالم 2002، صرح مدرب المنتخب بأنه سيهزم ألمانيا، وبعد المباراة عبَّر عن استغرابه للانهيار الكلي والمفاجئ الذي أصاب اللاعبين، وحدث نفس السيناريو في افتتاح كأس العالم 2018، عندما قال مدرب المنتخب: “نريد أن نقاتل على كل كرة، استغلال كل فرصة، واللعب من أجل الفوز”، وبعد المباراة قال: “لاعبونا قدموا مباراة سيئة أمام روسيا”، وهو ما تكرر في طوكيو عندما قال مدرب المنتخب: “نحن نحترم جميع المنتخبات ولدينا طموح وقدرات ستساعدنا لمواصلة المشوار نحو المراكز الثلاثة الأولى”، وبعد المباراة قال: “النتيجة لم تكن مرضية لنا، ولكنني سعيد بأدائنا، المجموعة قوية ولدينا أخطاء في لقاء اليوم سنتداركها في ما هو قادم”، وأضاف: “نحن نستطيع العودة من جديد، ونمتلك تجارب سابقة في كأس أمم آسيا وكأس العالم، حين خسرنا المباراة الأولى وعدنا واستطعنا التأهل في النهاية”، ولكنه لم يعد بل أكمل مشوار الهزائم.
تفسير الحالة التي نمر بها مع كل بطولة كبرى موجود في كتب علم النفس بالحرف، حيث يتحدث هذا العلم الجميل عن “الذات الحقيقية” وهي حقيقة الأشخاص وواقعهم وإمكانياتهم وأرقامهم وقدراتهم على الأرض، في المقابل هناك “الذات المدركة” وتعني كيف يقيّم الشخص نفسه ويرى نفسه، وكل ما اتسعت المسافة بين الذات الحقيقية والذات المدركة كل ما كان الشخص أكثر عرضة للفشل والإحباط والانهيار.
كرة القدم هي معركة حسابات، فعندما تقيم خصمك بأقل من واقعه ثم تقيم نفسك بأعلى من الواقع، ستخرج بنتيجة كارثية لا محالة.. نلتقي في باريس.